الثورة -نوار حيدر:
في إصدار جديد لاتحاد الكتاب العرب لمجلة الموقف الأدبي الشهرية (٦١٧)، زخر العدد بالكثير من المقالات الثقافية والأدبية الثرة، إضافة إلى عدد من القصص، كما ألقى الضوء على عدد من أعلام الأدب والثقافة.
في باب نوافد:
وتحت عنوان “دور الادب المقاوم في الحفاظ على الهوية الوطنية” كتب د.ناصر بن حمود الحسيني/ عمان ..
أدب المقامة يتميز بصفته الإنسانية فهو ليس حكراً على شعب دون غيره من الشعوب، فهذا النوع من المقاومة شأنه في ذلك شأن المقاومة المسلحة التي ينتهجها شعب تعرض للاستعمار من قوى استعمارية كبرى ، فينخرط ابناؤه في المقاومة والتصدي للغزاة، فالأدب المقاوم بمختلف تشكلاته الروائية والقصصية و الشعرية من واجبه أن يكون مجالاً رحباً من خلاله تعمل الذات المبدعة على بيان مختلف الوظائف التي يمكن أن ينهض بها المبدع في مجال الأدب من أجل المحافظة على الهوية القومية لهذه الأمة. هناك أنموذجان شعريان يمكن أن نستخلص منهما دوراً فاعلاً في التحسيس بقضايا الأمة وطموحاتها، وبالتالي فإن الخطاب الأدبي المقاوم داخل هذه النصوص الأدبية كفيل ببيان اهتمام الشاعرين بهذه الأبعاد وضرورة العمل على المحافظة عليها ، ونقصد بهذه النصوص أولاً تجربة الشاعر سعيد الصقلاوي من خلال دواوينه “أجنحة النهار، نشيد الماء ، وما تبقى من صحف الوجد” وهي مدونة تحفل بمختلف الرموز الشعرية، وهي رموز -رأينا- أنها في كثير من الأحيان متصلة شديدة الاتصال بقضايا الأمة، فتستحضرها وتدافع عنها.
ثانياً تجربة الشاعر نزار قباني من خلال قصيدته النموذجية “دمشق يا بوح أحلامي ومروحتي” تغنى فيها الشاعر بدمشق المدينة الصامدة في وجه الأعداء، المتحررة دوماً من مختلف القيود التي تكبلها وتحد من طموحاتها .
في باب كاتب وكتاب:
كتب أ. حبيب ابراهيم .. ديب علي حسن في “ثنائية الثقافة والإعلام من الرسالة إلى الاستلاب” يقدم الباحث والإعلامي ديب علي حسن في كتابه “والذي صدر عن وزارة الثقافة ، الهيئة العامة السورية للكتاب رؤية جديدة، مغايرة لما هو مألوف.
بيّن حسن في الفصل الأول الأسباب والدوافع التي كانت وراء الحرب الكونية على سورية حيث استهدفت الثقافة والهوية والانتماء، حيث طالت آثارها البشر والحجر والشجر..
ويرى أن بناء الوعي يتطلب الكثير من الإحساس بالمسؤولية، الكثير من التحصين والبناء الثقافي والمعرفي، بناء الوعي لمواجهة التحولات الكبرى والتي تعصف بأوطاننا بلا هوادة.. يوضح أن العلاقة بين الثقافة والإعلام ، علاقة جدلية متداخلة، علاقة تنويرية ، ثنائية، لا يمكن لأحدهما النهوض واستنهاض المجتمع إلا من خلال الأخرى.
يتوقف الباحث مطولاً عند مصطلح ” النخب الثقافية” أو ما اصطلح على تسميته”النخبة” فتنهال الأسئلة باحثة عن إجابات آنية أحياناً ، وقد يطول انتظارها أحياناً أخرى ، هذا “المصطلح بحد ذاته غائم غير مضبوط كما الدور الذي يمارسه من ينطبق عليهم لقب النخبة”.
في باب قامة سنديان:
كتب د. عيسى الشماس تحت عنوان ” البحتري وفنية الشعر الوصفي” ..البحتري ، اسمه ” الوليد بن عبيد ” يلقب بأبي عبادة، التقى بأبي تمام في حمص وكان لهذا اللقاء أثر في حياة البحتري الشعرية، حيث نهل منه الكثير، وتعلم متى يكتب الشعر كي يخرج كما يرغب ويريد، ونظم البحتري الشعر في مواضيع وأغراض متعددة، لكنه نبغ في أحدها وهو الوصف، لقد كان البحتري شاعراً منفرداً في الوصف، إذ وصف الطبيعة والقصور والحدائق ، والمعارك الحربية، وصفاً جميلاً وبارعاً، حتى ليمكن القول: ليس ثمة شاعر جاراه في هذا الوصف المتعدد الألوان والأشكال. إنها دلائل واضحة على أن البحتري يعد بحق رائد الشعر الوصفي، فهو يعمد إلى الخيال أكثر من الفكرة، ويوظف اللفظ المناسب ليعطي المعنى المقصود، مشفوعاً بالمطابقات والمحسنات البديعية، فتكون الصورة مشرقة واضحة المعالم والأبعاد، في الشكل والمضمون ، وكأنها ترسم بريشة فنان مبدع…
في باب مسك الختام:
كتب أ.عبد الله الشاهر تحت عنوان ” سؤال برسم الإجابة” .. لم أذكر أن انكليزياً واحداً حاول مجرد محاولة ولو من باب التجريب أن يكتب اسمه بلغة غير لغته، ولا أعتقد أنه لم يخطر في ذهن أي منهم مثل هذا التفكير، لأن هذا التفكير يبعده عن وجوده وعن ذاته ومجتمعه وحياته الخاصة والعامة وإن معنوياً. والحقيقة الذي قادني إلى مثل هذا الكلام، ذلك الكم الهائل من الأسماء التي كتبت باللغة الإنكليزية وهم من الناطقين باللغة العربية ، وكأن الذي يكتب باللغة الإنكليزية على وسائل التواصل الاجتماعي يشكل حالة متقدمة عن غيره ممن يكتبون أسماءهم بلغتهم الأصلية.
واللافت للنظر أيضاً وهي حالة تدعو إلى الأسف أن عدداً لا بأس من المثقفين والأدباء ، وممن ارتقوا بمؤهلاتهم العلمية، هم الذين مهدوا إلى مثل هذا السلوك ظناً منهم أنهم يتميزون في ذلك عن غيرهم. وقد جرى تقليدهم من بعض العامة الذين لا يجيدون اللغة الأجنبية مدعاة للرفعة والمكانة المتقدمة، وهم مع الأسف يجهلون أنهم في عملهم هذا يطمسون هويتهم، ويتخلون من حيث يعلمون أو لا يعلمون عن تمكين لغتهم في ذواتهم قبل سلوكهم وحياتهم .