“أنا لا أطلب العظيم، والبعيد، والرومانسي.. أنا أعتنق المشترك، وأستكشف المألوف”..
عن أي (مشترك) و(مألوف) تحدّث الفيلسوف رالف والدو إمرسون..؟
وفق نظرة أولية، نعتقد أنها تحديدات بسيطة ومعروفة سلفاً لدينا جميعاً..
وأننا متفقون على كل ما هو (مشترك) أو (مألوف).. ولا نختلف على قائمة الأشياء التي تندرج ضمن أي منهما.
المشكلة في (زحزحة) قناعاتنا..
فليس كل “مشترك” هو ذاته لدى الآخر..
وذات الشيء بالنسبة “للمألوف”.
في اللحظة التي تعتقد أنك تبني “المشترك” وتتصرف وفق بنود “المألوف”، تتفاجأ بفجوة المصطلحات والتعريفات الكائنة بينك وبين الآخر، حينها ما عليك سوى نسف كل اعتقاداتك وقناعاتك بخصوص فهمك لكل الأشياء (المشتركة والمألوفة) التي آمنت بوجودها في علاقاتك أو صداقاتك.
هل توسيع دائرة (المشتركات) مع الآخر يؤدي إلى جعله مألوفاً..؟
ربما.. العكس ليس صحيحاً.
أحياناً.. نقع في شرك (المشتركات) الظاهرية.. غافلين جذر جوهرها..
فالانطباعات الأولية لا تقدّم صورة حقيقية ولا واقعية عن الآخر..
فلماذا نطيل أمد التصاقنا بهذا الوهم.. عن وجود (مشترك) لم يحضر حقيقة سوى في أذهاننا..؟
إذاً.. كان مجرد “صورة ذهنية”.. ما اعتقدتْ أنه يمنح انطباعاً (بالألفة).
كأنما سيماء وجهه “الأليف” قامت بتزييف انطباعاتها عنه ورسّخت لشيء ما “مألوف” وبالتالي، حسب قناعتها، يمكن استحضار “المشترك”..
الآن.. تدرك أنها كانت مجرد انطباعات أولية.. مشوّشة.. وربما مزوّرة.. قائمة على ما أرادتْ أن تراه.. أو ما اعتقدت أنها رأته..
وليست كل رؤية هي، بالضبط، ما يصدّره (القلب).