في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا بحكم الحرب المركبة التي شنت عليها وكلفتها الباهضة والإرهاب الاقتصادي الذي يمارس على شعبها، وقلة موارد الخزينة العامة بسبب النهب المنظم وسرقة ثروات الشعب بالرغم من كل ذلك يمكن لنا كمواطنين سوريين منتمين لبلدنا أن نكون عوناً للحكومة في تنفيذ خططها ومشاريعها متفاعلين معها لا منفعلين ومتأففين من سياساتها، وهذا لا يعني بالضرورة تبرير تقصير هنا وهناك ومظاهر خلل يشار إليها بالبنان ولكن لجهة التركيز على المسؤولية المشتركة والتفاعل بين المؤسسات والأفراد لتخفيف الأعباء وتحسين الظروف العامة على أقل تقدير.
وللإشارة إلى أهمية تلك العلاقة الإيجابية بين المواطن والدولة أو السلطة ينسب للأديب الفرنسي فولتير القول: من الأفضل لكل إنسان منا أن يزرع حديقته الصغيرة لتصبح فرنسا كلها خضراء، ولا شك أن ما قصده الأديب الفرنسي أن لكل فرد دوره في بناء مجتمعه ووطنه وأن عملية بناء الأوطان تبدأ من بناء الذات والفعل الذاتي هو بداية الفعل الجماعي، ولعل ما يعزز ذلك هو خبر قرأته في إحدى وسائل الإعلام مفاده أن المساحات الخضراء في جمهورية الصين الشعبية قد ازدادت في إحدى السنوات الماضية بما ينوف عن أربعة ملايين هكتار، في حين تراجعت مساحات الغابات العالمية بنحو 7ملايين هكتار. وعزت الوسيلة الإعلامية ذلك إلى قيام كل صيني في المناطق الصحراوية بزراعة شجرة أو شجرتين استجابة لدعوة الحكومة الصينية والحزب الشيوعي الصيني تحت عنوان أن يكون الإنسان صديقاً للبيئة، وهذا التفاعل يعكس طبيعة الثقافة الصينية التي تتأسس على التفاعل والتناغم مع السلطة والانسجام التام مع القانون، ولعل ما يهمنا في هذا المجال هو الإشارة إلى أهمية التفاعل الإيجابي والتناسق والتناغم بين المواطن والدولة في إطار عملية البناء، وتنفيذ الخطط ومواجهة التحديات والظروف الصعبة والقاسية كالتي نمر بها وأهمية الدور المحوري للمواطن في تحقيق ذلك، فإذا كانت الدولة عبر مؤسساتها هي من يضع الخطط والبرامج وترسم السياسات العامة وترصد الأموال لتنفيذ خططها إلا أن هذا لا يكفي لتحقيق الهدف المنشود إن لم يكن ثمة استجابة نوعية وصادقة من القائمين على التنفيذ سواء أكانوا أفراداً أم مؤسسات.
ونظراً لأهمية هذه المسألة وبالعودة لأقوال وكلمات السيد الرئيس بشار الأسد نرى أن سيادته أشار غير مرة إلى هذه المسألة حيث قال في إحدى كلماته: عندما أتيت إلى الرئاسة عبرت في خطاب القسم عن أفكاري كفرد وليس كرئيس ولكن المسؤول يتعامل مع كل المكونات الموجودة في بلده هذه المكونات إن لم تكن متطابقة مع الأفكار ستفشل العملية، ويتابع سيادته قائلاً: إن عملية نريد أن نقوم بها خاصة على المستوى الاجتماعي والوطني بحاجة لقاعدة فكرية، وهنا يجب الربط بين الطرح السياسي والبناء الاجتماعي.
وإلى جانب دور المواطن في عملية البناء المشار إليها يبرز دور المؤسسات المختلفة ولاسيما القيادات الإدارية في تمثلها لدورها وتفاعلها النوعي مع الخطط التنموية وسلوكها المنسجم مع الأنظمة والقوانين ومعايشتها للجماهير وتلمسها لقضاياها، وعدم الترفع عنها وعليها والعيش معها لاكتساب ثقتها وحجم معاناتها ما يجعلها تنخرط بشكل فعال مع سياسات الدولة وخططها وبرامجها وتكون العين الساهرة على بناء الوطن وحمايته.
إن العودة لمفردات خطاب القسم والعمل على تكريسه كمنظومة أخلاقية سلوكية تبدو مسألة غاية في الأهمية لجهة التذكير بها لتكون دافعاً حافزاً ورافعة وخريطة طريق لنا أفراداً ومؤسسات وحزباً للمزيد من العمل والجهد الوطني المخلص لأنها في معانيها وأبعادها تحصننا أفراداً ومؤسسات وتشكل راشدة للعمل في طريق التنمية وإعادة بناء سورية بسواعد وعقول وعرق أبنائها الخلص، فالوطنية كما أشار السيد الرئيس بشار الأسد قبل عدة أيام في تدشينه لمؤسسات إنتاجية توفر الطاقة الكهربائية وغيرها لها أكثر من صورة وتتجلى في مظاهر وسلوكيات مختلفة من تضحية وإنجاز وعمل وإنتاج.
إن تمثل كل هذه المعاني وتجسيدها على أرض الواقع وليس خطابات وشعارات هو ما يجعلنا نتجاوز كل أشكال الضغوط والحصار، ونعتمد على جهدنا الوطني الذاتي الصادق لنثبت للعالم أن هذا الشعب العظيم بجيشه ومؤسساته وقيادته الوطنية قادر على تجاوز كل الصعوبات وأشكال الضغط والحصار بإرادته الحرة وقراره الوطني المستقل.