وكأنه على رقعة شطرنج عالمية، يحرك البيادق كيفما شاء، ويختار التوقيت المناسب ليقول لخصمه “كش ملك”، يتوهم أن النصر سيكون حليفه، وهو الخاسر في كل حرب خاضها، هو حال نظام التلون الأميركي الذي يدير دفته بكل الاتجاهات، ويستخدم كل الأساليب مهما بلغت قذاراتها، ليحقق غاياته التوسعية، ويشبع أطماعه النهبوية، ولو كان ذلك على حساب دماء ملايين الأبرياء، الذين لا حول لهم، ولا قوة، ولا ذنب لهم، إلا في كونهم أدوات يستثمرهم الأميركي بناء لما هو مرسوم في أجنداته المريضة.
لا نستطيع أن نثق بالأميركي على الإطلاق، بل إنه من الجنون أن نظن أن الأفعى الهوليودية قد تنفث عسلاً، أو أن مجرم الحرب الأميركي، وصاحب اليد الطولى في ارتكاب مجازر الإبادة الجماعية، وناكث الوعود والعهود، والضارب بكل الاتفاقيات الدولية، والمبادئ الإنسانية عرض الحائط، لا يمكننا بتاتاً أن نقول إن ضميره الميت سيصحو فجأة، وبالتالي سيقدم للبشرية السلام والأمان، وهو من أهدر دماء شعوبها منذ قيامه على هياكل وجماجم الهنود الحمر إلى يومنا هذا.
وبناء عليه فإن ماقاله بايدن عن التزامه بسياسة الصين الواحدة، وبأن بلاده ستحافظ على التزاماتها، وكل كلامه حيال تايوان، لا يعدو عن كونه مجرد أكاذيب، لا يمكن أن تُفسر إلا أنها محاولة للاصطياد في الماء العكر، واللعب على المتناقضات، لتمرير السيناريوهات الهدامة، فمن جهة يدعي الأميركي حرصه على وحدة أراضي الصين، ومن جهة أخرى، ومن تحت الطاولة ينثر بذور التقسيم في تايوان، ويشجع عملاءه من الانفصاليين فيها على إثارة البلبلة والقلاقل، الأمر نفسه تنتهجه واشنطن حيال موسكو، فمن جهة يقول النظام الأميركي، أنه مع كل السبل السياسية والحوار، لنزع فتيل الحرب المتصاعدة بين روسيا وأوكرانيا، وفي المقلب الموازي يشحن شتى صنوف الأسلحة الفتاكة لكييف، لتستمر ماكينة الدم المسفوك مستعرة دون هوادة، وحتى في سورية، يدعي الكاوبوي الأميركي أنه مع حقن دماء السوريين، مع أنه وحتى اللحظة، ينهب قوتهم، وثرواتهم، ويميتهم بقيصره اللا شرعي جوعاً ومرضاً وبرداً، ويوجه مفخخات إرهابييه وأحزمتهم الناسفة صوب السوريين أطفالاً ونساء وكهولاً.
لسنا بحاجة إلى أقوال الأميركي، وهو المشهود له بأن كلامه وتعهداته في الليل يمحوها النهار، نحن بحاجة إلى أفعال تترجم ميدانياً بحراك سياسي دبلوماسي عالمي، يحقن دماء الأبرياء، ولا يجعلهم استثماراً بخساً في قاموس التسيد الأميركي، وعلى طاولة الابتزاز الأممي الرخيص.