الموت لا يتغير .. نحن الذين نتغير .. وكيفما حل بنا وقعه أو كانت وقائعه، يفرد راياته علينا واثقاً من استسلامنا .. ومؤكداً عليه، بلا تردد .. وفق الرزنامة التي يختارها ليس إلا .. فقط هو انطباعنا الذي يتغير .. وفقاً لتغير حالنا في ظروف مواجهته.
من ظروفنا في مواجهته وتغيرها الذي لا راد له، أن تتقدم بنا السنون ونبلغ تخوم العمر .. وتبدأ الأوراق التي كانت تظل وتصخب وتغني من حولنا، بالتساقط معلنة نهاية رحلتها ونهاية الحياة التي بدأتها .. حتى وإن استمرت الحياة من بعدها .. وهي مستمرة .. فترانا نقرأ صفحات الموت في كل كتاب وفي توجيب الشباب لنا وعلى عتبات الجيران وبين ذكريات الأصدقاء.
نحن بالتأكيد نعيش زمن ازدهار الموت.. لكن.. لا ازدهاره ولا تردده يغير من حقيقة أنه الموت وهو قادم.
يكاد يمضي أسبوع على رحيل الزميل الصديق عادل محمود .. ليس فجأة ..لكن الموت أسرع إليه بشكل مفاجئ.. لم يكن أحد يتوقع له أن يمضي بهذه السرعة.. صحته وقوته البدنية كانت ترشحه لحياة أمدد.. لكن ..
عادل من مواليد 1946 .. أكبر مني بعامين .. لكنه كان أقوى مني بعشرة ..قد استمرت الزمالة بيننا أكثر من خمسين عاماً ..تشاركنا خلالها شتى ظروف الحياة .. من الحرب إلى السلام .. ومن الحب إلى الغضب .. ومن الاهتمام إلى النسيان المؤقت..
آخر رسالة كتبتها له – أون لاين – كنت شبه متأكد أنه لن يرد عليها .. ولم أكن متيقناً بحقيقة وضعه الصحي ..لكن سحابة الموت المتقدمة فوق رؤوس أبناء هذا الجيل ” 70 – 80″ تستمر زاحفة تحصد رؤوسنا دون حساب .. إلا حساب الموت.
أقول لكم بصراحة: أنا مرتبك .. لا أعرف ماذا أكتب ولا ماذا أقول … إنما عزّ علي أن أستسلم هكذا .. لموت صديق وكأني عاجز .. وأن أكتب عن عادل محمود تحديداً أحسست أني عاجز .. لا أستطيع أن أكتب عنه رغم أني قرأت معظم ما كتبه .. لكن .. ليس لذلك أي معنى.
تستطيع أن تقرأه وأكثر من مرة ببراءته وكسوفه.. لكنني حذر إذ أحاول أن أكتب عنه ؟؟
سيكتب عنه كثيرون ويُكتب عنه الكثير … أما أنا فسأكتفي بنية وأمنية السلام له ولروحه ..
فليرحمك الله فإنني على رحيلك لحزين … الرحمة لك والعزاء للجميع ..
As.abboud@gmail.com