كتب محرر الشؤون المحلية هزاع عساف:
تجربة جديدة أخرى في طريقها إليها، بعد تجارب عديدة معظمها لم يكن ناجحاً، وبعضها فشل فشلاً ذريعاً، سواء في آلية بيع المواد المدعومة وتوزيعها والطريقة المتبعة أو غيرها من التجارب المعتمدة في طريقة إيصال الدعم إلى مستحقيه بعد «الغربلات» التي حصلت واستبعدت منها شرائح متعددة معظمنا على علم بها وعايش «غربلتها».
التجربة الجديدة، أو طريقة الدعم الجديدة – كما أطلق عليها وزير التجارة الداخلية في مؤتمره الصحفي مؤخراً، أصبحت جاهزة، تتمثل في وضع مبلغ مالي محدد عبر البطاقة الإلكترونية يمكن للمواطن أن يشتري من خلاله ما يريد من حاجاته، من خلال استبدال دعم المادة وتحديد الحصص ببدل نقدي على البطاقة ذاتها، وذلك من منافذ ومراكز السورية للتجارة والمخابز، وبرأي التجارة الداخلية فإن ذلك يوفر على المواطن ما نسبته من 30- 35%.
الردود على هذه التجربة وقبل أن تدخل حيز التنفيذ لاقت اعتراضاً شديداً فيه الكثير من التساؤلات، وتم الحكم عليها بالفشل، ولو تحدثنا بمنطق الأمور والإنصاف لتوجب علينا القول: إنه من غير المنطق والمعقول الحكم على أي تجربة قبل تنفيذها، وهنا يصح القول أيضاً: إن الحكم ظالم ومتسرع، بالمقابل نستدرك بأن صدور ردود الأفعال بهذه الطريقة جاء نتيجة لتجارب عديدة سابقة لم يكتب لها النجاح، بل كانت تداعياتها قاسية ومؤلمة كما يؤكد المعنيون بها مباشرة، وهم الناس.
ولو عدنا إلى التجربة وما طرحت من تساؤلات منها ما يتعلق بمؤسستي السورية للتجارة والمخابز أولاً، ومدى إمكانية أن يتوافر للمواطن فيها معظم حاجاته، وأن تكون السلع والمواد ذات مواصفات جيدة ونوعيات لها جودتها وأصنافها المميزة، وما هو مقدار المبلغ المادي الذي سيتم رصده؟ وما هو المعيار الذي يحكمه؟ وأسئلة كثيرة تدور في هذا الجانب والجانب الإداري منها.
ربما تكون طريقة الدعم الجديدة ذات جدوى وفاعلية تغير صورة تجارب ما قبلها، وهذا يظهر بعد أن تأخذ طريقها إلى التنفيذ، وبذلك نكون خطونا خطوة في الطريق الصحيح، ولاسيما أن الأمر يتعلق بقضايا خدمية ومعيشية تدخل في جوهر الحياة اليومية للناس وتستحوذ على تفكيرهم وحياتهم.
وإذا كانت التجارب السابقة فاشلت فهذا لا يعني أن نتوقف عن اجتراح الحلول وإيجاد بدائل وطرق جديدة، لكن بعيداً عن أن تكون حقل تجارب ليس إلا، فمثلاً تجربة المعتمدين في بيع الخبز تعدّ من أسوأ التجارب كما يقول وزير التجارة الداخلية نفسه، وهذا يستلزم الإسراع في المعالجة وإيجاد الحل البديل، ويضيف الوزير: إن نسبة الهدر في الطحين والخبز المدعوم تتجاوزالـ30%، وهذا أيضاً يستدعي سريعاً الاستنفار لوقف هذا الهدر الكبير في ظل الواقع الذي نعيشه، وهذه النسبة تعني أن أكثر من ربع الدعم يذهب هدراً، وهذه عينة ونموذج لمادة مدعومة واحدة، والسؤال: ماذا عن المواد الأخرى!؟.
فإذا كانت التجارب سيئة فمن المؤكد أن نسب الهدر والفساد ستكون كبيرة..