الثورة- حسين صقر :
تنتشر وبشكل كثيف بسطات ومحال تصفية الألبسة”البالة”، وذلك في الأماكن والأسواق الشعبية، وتملأ شوارع دمشق، حيث باتت مقصداً للكثير من المواطنين من أصحاب الدخل المحدود لشراء كسوة أفراد الأسرة.
ومع أن أسعارها لم تعد رخيصة قياساً بالألبسة الجاهزة، وأصبح لها زبائنها، إلا أنها تشهد ذلك الإقبال طمعاً بتوفير بعض المال الذي يمكن لرب المنزل أن يوظفه لمتطلبات أخرى، في ظل الظروف المعيشية الصعبة.
وقالت السيدة نوال عسراوي: إن ما تعرضه تلك المحال والبسطات من بضائع وملابس تتوافق أسعارها مع دخلها الشهري، وتلبي إلى حد ما الذوق الذي يعجبها، وأضافت أنها عندما ترغب بشراء الألبسة لأطفالها الأربعة، فإن خياراتها لا تكون واسعة ومتنوعة، وترى نفسها متجهة إلى البسطات المنتشرة في الأماكن المعروفة لها.
وذكرت روان عليا: إن هذه الألبسة لا تقل جودة عما يعرض في محلات الألبسة الجاهزة والجديدة، وأنا كربة منزل أتابع جديدها وأرتادها، وأجد كل ما أحتاجه، وبأسعار تناسب دخل الأسرة، وحتى هذه المحلات فيها تصنيفات مختلفة ويمكن أن تناسب حتى أصحاب الدخول المرتفعة، وضربت مثالاً أن سعر جاكيت الجلد الجديد يزيد عما يوازيه في هذه المحلات أربعة أضعاف، ومن نفس البضاعة تقريباً، وقد يحتاج إلى دباغة أو بعض التعديلات البسيطة.
وأشارت عليا أن ثمة فترات نضطر فيها للشراء من تلك المحلات كالأعياد وافتتاح المدارس، ولاسيما أن ملابس الأطفال تحتاج إلى دخل مضاعف عن الدخل الحالي أو أكثر، موضحة أن الفروقات التي تتوفر لديها وزوجها بعد شراء احتياجاتهم من الملابس من تلك المعارض، تستثمره في شراء احتياجات أخرى.
ويقول حمدي طيارة: إنه أصبح في الآونة الأخيرة يتجة إلى محال التصفيات والبسطات لشراء ملابس له ولزوجته وأطفاله، نتيجة الفرق الواضح بالأسعار بين هذه المحال وغيرها من التي تبيع الملابس الجاهزة.
ويشير طيارة إلى أنه ليس الوحيد الذي يشتري من هذه المحلات بل هناك أعداد كبيرة من معارفه وأصدقائه برتادون هذه البسطات، بل ويذهبون إليها مجموعات للتشاور فيما يشترونه.
كما يؤكد مازن الحاج أنه يرتاد وباستمرار البسطات المنتشرة التي تعرض هذه الملابس حيث يقوم بشراء ليس الملابس وحسب بل الأحذية الجلدية التي لا تفرق عن الجديدة بشيء سوى بالسعر فقط، ويوضح أنه يلحظ إقبالاً كبيراً على بسطات البالة التي تتوفر في معظم الأماكن، وهذا دليل على أن تلك المحال أصبحت ملاذاً لكثير من الناس الذين لا يستطيعون شراء ملابس جديدة تزيد اسعارها يوماً بعد يوم.
وقالت سناء طعمة الموظفة في أحد الدوائر الحكومية ومن أصحاب الدخل المحدود أن ارتفاع أسعار البضائع في أسواق ومعارض الملابس الجاهزة جعلت الموظفين يذهبون إلى محال التصفية والبالات والبسطات التي أصبحت اليوم البديل عن المعارض والمحلات الفارهة رغم قدم الملابس بها واستخدامها، مؤكدة أنها تتمتع بجودة عالية ودائمة .
بالمقابل قال علي عيد صاحب بسطة ملابس مستعملة أنه يلحظ في الآونة الأخيرة إقبالاً كثيفاً على محال الألبسة والبسطات، ونوه بأنه أصبح يتزود بضعف كمية الملابس التي كان يعرضها، حتى يلبي حاجة المستهلكين الذين يزدادون بشكل متسارع.
وقال عيد إن قيام العديد من المواطنين بالشراء من محلات الملابس المستعملة أوفر مادياً بالنسبة لهم من محلات الملابس الجديدة وذلك لارتفاع الأسعار وازدياد المصاريف، ما يدعوهم للبحث عن بديل أوفر وجودة عالية بنفس الوقت.
وقال صلاح حمادي أيضاً من أصحاب تلك المحلات: نحاول قدر الإمكان إرضاء جميع الأذواق، وذلك بعد فرز وتصنيف الألبسة بين رجالي ونسائي وولادي، وتصنيفها أيضاُ حسب الجودة وكي تناسب جميع الناس وقدرتهم الشرائية، وأضاف أن كثرة الالتزامات المادية، وفي ظل ارتفاع الأسعار بشكل كبير تجعل الناس يتجهون إلى الشراء من محلاتنا تلك، وأشار أن الملابس هي نفسها في كل مكان ولا يوجد مكان للخجل في الشراء من محلات الملابس المستعملة طالما أن جودتها ممتازة وأسعارها مقبولة.
بدوره قال محمود زيات أيضاً صاحب محل: إن تلك المحال لا يقصدها فقط الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، بل كذلك ميسوري الحال والأغنياء أيضا، وأنا لدي زبائن من هؤلاء الميسورين، لما توفره أحيانا من ماركات ونوعية بضائع جيدة لا تختلف عن تلك المعروضة في المحال الجاهزة، مع وجود فرق بالاسعار فقط، ولهذا تشهد حركة كبرى و إقبالاُ على ما يسمي بعملية الفرز في أكوام الثياب المستعملة والمعروفة بلغتنا العامية “البالة”، كما تشكل هذه المحلات فرصة للفرجة والاستطلاع والمقارنة.