معهد كاتون الأميركي للأبحاث وجه نصيحة لإدارة بايدن كي تتوقف عن اتباع مبدأ “كل شيء حسب رغبة كييف” وحثها على المساعدة في بدء عملية تفاوض بين أوكرانيا وروسيا، وأكد في الوقت ذاته أن زيلينسكي يسعى لإشراك الناتو في النزاع الذي قد يتحول إلى حرب نووية، وفي المقابل بدأت أصوات كثيرة في أوروبا تعلو للمطالبة بوقف ضخ الأسلحة لنظام كييف، وهذا مؤشر واضح على أن الشارع الغربي قد سئم من سياسات حكوماته المتهورة.
المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة لا يبدي حتى الآن أي نية بوقف التصعيد، ويرتكب المزيد من الحماقات لتأجيج الحرب، من دون أي حساب لتداعياتها على الأمن والاستقرار الدوليين، إذ يبدو واضحاً أن إدارة بايدن لا تريد الاستماع إلى لغة العقل، وهي بسياساتها الهوجاء تهيئ الأجواء الدولية لمزيد من الحروب التي قد تتولد عن الحرب الأوكرانية، بعدما حضرت كل أدواتها وحوامل مشروعها الاستعماري، حيث تكمن غايتها من وراء استمرارها في العبث بأمن العالم، الحفاظ على مكانتها القيادية التي باتت تترنح أمام ظهور التعددية القطبية التي يشهد العالم ولادتها اليوم.
الولايات المتحدة وحدها من يتحمل مسؤولية هذا التصعيد غير المسبوق على الساحة العالمية، فهي من تقود السياسة الأوروبية، ولها مصلحة كبيرة في تقويض الأمن والسلم الدوليين، بما يخدم إستراتيجيتها في تثبيت نهج الهيمنة الذي كرسته طوال العقود الماضية، ولكن رياح موازين القوى الدولية الجديدة ستقودها حتماً نحو الاتجاه المخالف لرغباتها وأطماعها التوسعية، إذ سيكون لنهجها المدمر ارتدادات عكسية لن تكون هي وحلفاؤها بمنأى عنها.
واضح أن إدارة بايدن لن تقبل النصيحة، لافتقادها الحكماء والعقلاء، هي رفضت سابقاً الاستماع لنصائح مسؤولين أميركيين سابقين حذروها من الاستمرار في سياساتها الفاشلة في سورية، لكنها لم تزل تراكم هذا الفشل، والكثير من النصائح وجهت أيضاً للحكومات الأوروبية للتخلي عن نهج التبعية العمياء لواشنطن، وإيلاء الاهتمام لمصلحة بلدانها وشعوبها، لكنها ترفض الانعتاق، وكل المؤشرات التي تعكسها التغيرات الحاصلة في موازين القوى العالمية، تفيد بأن ميزان أي مواجهة محتملة يفرضها الغرب، سيميل لصالح روسيا والدول التي تقف إلى جانبها، ولا يمكن تفسير الإصرار الأميركي على الجنوح نحو التصادم وعسكرة العالم، إلا من باب التأكيد على عقلية الغطرسة التي تحكم ساسة الولايات المتحدة، وأتباعهم في أوروبا على وجه العموم.
السابق