عبد الحميد غانم:
تستمر السياسة التركية العدوانية حيال سورية والمنطقة برمتها، والتي يسعى النظام التركي من ورائها للسيطرة على دول المنطقة بعد زعزعة الاستقرار فيها ونشر الفوضى وتهجير سكانها، واحتلال أراضيها، كما هو الحال في الشمال السوري والشمال العراقي بحجج واهية.
رسائل عديدة يحملها التصعيد الجديد لعدوان الاحتلال التركي الغادر على شمال الأراضي السورية في أرياف حلب والحسكة والرقة، الذي تزامن مع انعقاد الجولة التاسعة عشرة من أعمال الاجتماع الدولي التاسع عشر بصيغة “أستانا”.
العدوان التركي الذي يحصل بضوء أخضر أميركي لكسب ود الإدارة، يؤكد مجدداً أن النظام التركي الأرعن لايزال يوظف نفسه خدمة للمشروع الأميركي الغربي الصهيوني في المنطقة وفي سورية خاصة، فمنذ بداية الأزمة لم يتوان نظام أردوغان عن استغلال تطورات الوضع في المنطقة لتحقيق أطماعه العثمانية القديمة لاحتلال المزيد من الأراضي السورية تحت حجج وذرائع واهية، وأضاليل تخفي في حقيقة تنفيذ العدوان والاحتلال النوايا الخبيثة لنظام أردوغان الإخواني من خلال دعم المجموعات الإرهابية وتوظيفهم لخدمة نواياه الدنيئة لسرقة ونهب ثروات سورية والمنطقة، وإقامة منطقة احتلال تركية جديدة، ووضع نظامه أداة طيعة بيد المشروع الأميركي، وكي يظهر أردوغان نفسه زعيما لتنظيم الإخوان، عدو الأمة ومستقبلها.
كما أن نظام أردوغان يريد تظهير صورته بأنه يسعى للسلام في المنطقة وتحت شعارات كاذبة لمحاربة الإرهاب، في الوقت الذي يصب فيه الزيت على النار من خلال تأمين الجماعات الإرهابية التي عاثت فساداً في سورية لتقسيمها وتفتيتها، ومواصلة احتلاله للأراضي السورية ونهب الثروات والمحاصيل.
الأفعال التي يرتكبها الاحتلالان الأمريكي والتركي وفي مقدمتها توفير الدعم لفلول المجموعات الإرهابية وقطع المياه المتكرر عن المواطنين في الحسكة ونهب ثروات سورية ومحاصيلها، ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وتشكل انتهاكاً سافراً لميثاق الأمم المتحدة.
الاحتلال التركي على الأراضي السورية مثل الاحتلال الأميركي والإسرائيلي، وجوده غير شرعي ويعد انتهاكاً للقانون الدولي، ويهدف إلى إعاقة توطيد الاستقرار في سورية وإجهاض الإنجازات التي تحققت على صعيد مكافحة الإرهاب وعرقلة عملية إعادة الإعمار، ويجب أن ينتهي فوراً دون أي شروط.
الذرائع التي يسوقها الاحتلال التركي لسياساته في سورية لم تعد تخدع أحداً، وأي تصريحات حتى تكتسب الحد الأدنى من المصداقية يجب أن تترافق مع الأفعال على الأرض، فأمن الحدود هو مسؤولية مشتركة وضمانه يكون حصراً باحترام سيادة سورية وسلامة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وانسحاب قوات الاحتلال، ولذلك فإن اعتداءات الاحتلال التركي هي ذاتها الاعتداءات التي ترتكبها ميليشيا “قسد” الانفصالية في منطقة الجزيرة والتي تؤكد ارتباطها بالمشروع المعادي لسورية، وعليها التخلي عن أوهامها لأن الشعب السوري لن يسمح لأي كان بالمس بوحدة البلاد، وأي مشروع في هذا الخصوص مآله السقوط والفشل، ويدعو المجتمع الدولي للخروج عن صمته ويتحرك لوقفه.
لقد ساهمت صيغة “أستانا” في تقليص الوجود الإرهابي في سورية، وكان يمكن أن تحقق المزيد من الإنجازات فيما لو التزم النظام التركي بمخرجاتها وقراراتها والتفاهمات التي تم التوصل إليها، على الرغم من أن تركيا إحدى الدول الضامنة في اجتماعاتها، والمفروض أن تلتزم بما يتم الاتفاق عليه في إطارها، وتحافظ على استقرار الوضع في سورية وتعبئة جهود المجتمع الدولي لإعادة إعمارها، لكن أنقرة تستمر في احتلالها، وتصعد عدوانها ضد المواطنين السوريين، فلا يمكن الثقة بنظامها وبسياساته التي تعطل جهود السلام، حيث يحاول النظام التركي والميليشيات الانفصالية بدعم أميركي إفراغ الاتفاقات من مضمونها وإطالة أمد الأزمة وعرقلة طريق الحل بالعقبات وخلق مشكلات جديدة تبعد المسار الدولي عن الأهداف المنشودة له.
