مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية يناقش على مدار ستة أيام في دورته السابعة والعشرين في لاهاي، آليات تطبيق الاتفاقية، وتعزيز التعاون الدولي فيما يتعلق بالاستخدام السِّلمي للأنشطة الكيميائية، ولعل المسألة الأكثر إلحاحاً أمام المؤتمر هي العمل على تصحيح مسار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، نظراً للعيوب الكثيرة المرتبطة بنهج وطرائق عملها، وعدم احترامها لأحكام الاتفاقية، أو الالتزام بمعاييرها المهنية، إذ تحولت المنظمة من حارس أمين على تنفيذ اتفاقية الحظر، إلى أداة للتسييس بفعل ارتهانها الواضح للدول الغربية.
استخدام منظمة الحظر من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، كمنصة عدوان ضد سورية، وتوجيه الاتهامات الباطلة بحقها طوال سنوات الحرب الإرهابية الماضية، يمثل النموذج الصارخ لانحراف المنظمة عن الأهداف التي أنشئت من أجلها، وأفقدها مصداقيتها، حيث عملت تلك الدول على تسييس ما يسمى: “ملف الكيميائي”، ودفعت منظمة الحظر لإصدار تقارير تفتقر أدنى معايير المصداقية والمهنية والموضوعية، مستندة بذلك إلى شهود زور من قبل المجموعات الإرهابية وذراعها المسمى “الخوذ البيضاء” الإرهابي ورعاتهم في الغرب، إضافة إلى تمرير آليات غير شرعية تخالف قانون وأحكام اتفاقية الحظر، وما يسمى “فريق التحقيق وتحديد الهوية” مثال على ذلك.
منظمة الحظر مازالت تتجاهل حتى اليوم أخطر التحديات التي تواجه عملها، والمتمثلة في مواجهة الإرهاب الكيميائي، إذا عمدت التنظيمات الإرهابية ” داعش والنصرة والخوذ البيضاء” أكثر من مرة لاستخدام أسلحة ومواد كيميائية سامة ضد المدنيين في سورية، وتم تقديم مئات الأدلة والبراهين على ذلك، لكن المنظمة مازالت تنكر هذا الواقع، والسبب يكمن في أن الدول الغربية ستكون في موضع الإدانة، لأنها هي من تحرض الإرهابيين، وتزودهم بالغازات السامة، وبخبراء يشرفون على كيفية تحضير الأسلحة الكيميائية واستخدامها، ليصار بعد ذلك إلى اتهام الجيش العربي السوري، واتخاذ قرارات عدائية ضد سورية، وسبق أن شن الثالوث الأميركي والبريطاني والفرنسي عدواناً غاشماً على سورية تحت تلك المزاعم الباطلة.
منظمة الحظر وباعتبارها ركيزة أساسية ومحايدة في نظام عدم الانتشار، يجب أن تعود إلى ممارسة دورها الطبيعي في هذا السياق، لضمان إقامة نظام عالمي فعّال ضد الأسلحة الكيميائية، ولا بد من إلزام الكيان الإسرائيلي بالانضمام إلى اتفاقية الأسلحة الكيميائية وبقية الاتفاقيات الدولية المتعلّقة بمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، وذلك ضماناً للسلم والأمن الدوليين.