الثورة – هناء الدويري:
الكنوز السورية والحضارية تراكمٌ فكريّ وثقافي وحضاري لامثيل له في العالم، وتراثنا المادي واللامادي متنوّع وغنيّ.
سورية من أوائل الدول كعضو في اليونسكو منذ تأسيسه حرصاً منها على أهمية ودور الثقافة في التنمية المستدامة، وتسعى دائماً للحفاظ على التراث وصونه وحمايته، وتعمل بخطى دؤوبة لتسجيل مواقعها الأثرية على لائحة التراث العالمي، وتسجيل إرثها الحضاري اللامادي أيضاً لصونه وضمان استمراريته وتطويره.
بدأت سورية بتسجيل الوردة الشامية، ومن ثمّ خيال الظلّ (كركوز وعواظ)، وبعدها القدود الحلبية، وبانتظار القيشاني وصناعة السفن وآلة العود..
آلة العود سيتّم التصويت على تسجيلها في لائحة التراث العالمي خلال هذين اليومين..
صحيفة الثورة التقت ريم الإبراهيم من برنامج التراث الحيّ في الأمانة السورية للتنمية للحديث عن الجهود الجبارة المبذولة لتسجيل الأعواد السورية في اليونسكو لتقول:
بدأنا العمل في ملف الأعواد الموسيقية السورية من سنة ٢٠١٨ واستمر إلى الآن وبناء على طلب من الجمهورية الإسلامية الإيرانية قمنا بإعداد ملف مشترك بالنسبة للتراث الثقافي المشترك وكان مقترحهم أن يتم العمل على ملف الأعواد الموسيقية كونه عنصراً مشتركاً ما بين البلدين، ويمارسه المجتمع في سورية و إيران، وهو عنصر قديم بالبلدين فتمت الموافقة على هذا الاقتراح، وتم العمل على إعداد الترشيح الذي هو يتكون من ملف علمي – فيديو توثيقي – صور موافقات من المجتمعات المحلية إضافة لمرفقات تدعم العنصر وتقوّي تواجده في منظمة اليونسكو
العملية بدأت عبر رصد ومعرفة أعداد الممارسين وتوزعهم من صناع أعواد ومن عازفين و من أكادميين و من معاهد فجاءت الإحصائية لهذا العنصر توزعه بأكثر من محافظة مثل (حلب – دمشق – حماة – السويداء) عملنا بشكل أكبر بين دمشق وحلب كون الصناع و العزفه المهرة جاءت أعدادهم متركزة بتلك المحافظتين، و كان التواجد معهم بشكل مباشر و معرفة كل التفاصيل التي لها علاقة بهذا العنصر اللامادي (آلة العود الموسيقية) ومن خلال تلك التوثيقات ودراستها تمت صياغة الملف العلمي وفق المعايير المحددة، وأهم سمة من سمات تحديد هذا العنصر أو هذا الملف هو حالة التشاركية والتواصل الدائم بيننا و بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية للتوافق بين المعلومات وطرح أفكار جديدة لتدابير الصون لهذا العنصر بالأيام القادمة بما يخدم المجتمعين بكلا البلدين، تم إعداد الملف وإرفاقه بفيديو مدته عشر دقائق ومجموعة من المرفقات، و هي موافقات من المجتمعات المحلية والجهات المعنية بهذا العنصر عام ٢٠١٩ في تلك المرحلة وُجدت بعض الملاحظات على الملف فقمنا بتعديلها و إضافة بعض المعلومات ليكون الملف كاملاً و استيفاء جميع الوثائق من قبل الجانبين السوري و الإيراني بعام ٢٠٢٠ – ٢٠٢١ أعدنا الملف بعد استيفاء المعلومات، وحالياً هو في مرحلة التقييم وإعلان النتيجة وإن شاء الله نكون على موعد لنتيجة هذا الملف لكي يكون عنصراً جديداً موحداً ضمن قوائم التراث الإنساني لصالح سورية.
وعن الجهود التي بذلتها الأمانة السورية للتنمية في صون وتطوير آلة العود تقول ريم:
الأعواد هي حرفة، وهي صناعة ترتبط بمجموعة من المواد مجموعة من التقنيات والتي تربط فيها مجموعة من الجهات المعنية لهذا العنصر، والأمانة السورية عملت عبر برامجها للترويج لهذا العنصر من خلال معارض ومنشورات و فيديوهات أيضاً من خلال توثيق ورصد حالة هذا العنصر عبر التحديث الدائم له عبر القائمة الوطنية السورية بمعرفة ماهي التطورات وماهي الصعوبات التي يواجهها، وماهي المتغيرات، ودائماً من بعد إدراج كل عنصر تصبح لدينا خطة صون وطنية تعنى بالعنصر من كل نواحيه وبكل جوانبه بما أن هذا العنصر هو عنصر مشترك بيننا وبين إيران أكيد ستكون خطة الصون هي خطة متوافقة و متشابكة و مترابطة بين البلدين لكي يتم تنفيذ ما تم إعداده بملف الترشيح و تطبيقه على أرض الواقع وفتح مجالات جديدة من الإبداع و التطوير لكلا البلدين للعازفين الموجودين فيهم، و للصناع لكي يطوروا من هذه الآلة وليتم نقلها أكاديمياً و بشكل متوارث أكثر للأجيال القادمة لكي يعرِّفوا بقية الدول بالعود السوري.
وتوجد أعمال مشتركة بالأيام القادمة بين البلدين في حال تم إدراج العود كعنصر لامادي سوري على لائحة اليونسكو و كل الاتفاقيات والتعاون ستكون بخدمة العنصر وتعزيزه و تعريف المجتمعات به بطريقة أكبر و بطريقة أكاديمية.
سورية اشتهرت عبر العصور بجودة العود وصناعته على أيدي أمهر الصناع الموجودين فيها، واشتُهرت مجموعة من العائلات السورية المعروفة بصناعة العود مثل: النحات الدمشقي، و بيت قندلفت، وحالياً بيت سكر، و بيت سبسبي، و بيت الطويل.. كل هؤلاء الأشخاص استطاعوا أن يحملوا هذا العود و ينقلوه للخارج واستطاعوا أن يوصلوا أعوادهم لأيادي مجموعة من العازفين العرب منهم عبد الوهاب و فريد الأطرش وغيرهم…
السابق