من الأحداث المهمة التي أفرزتها مباريات كأس العالم 2022 أن هذا المونديال كشف مستور التطبيع مع الكيان الإسرائيلي وأنه شكل صفعة قوية لمسؤولي هذا الكيان الذين توهموا أن يكون هذا الحدث الرياضي المهم خطوة باتجاه استكمال التطبيع مع الأنظمة العربية ليكتشفوا أنهم غارقون في سراب اتفاقيات للتطبيع مع أنظمة تراعي مصالحها على حساب مصالح شعوبها وأن هذه الأنظمة في واد وشعوبها بنبضها العربي في واد آخر.
المقاطعة العربية لكيان الاحتلال الإسرائيلي تجلت في أبهى صورها في هذا المونديال، حيث وجد المستوطنون الذين حضروا لتغطية مباريات كأس العالم في عزلة تامة من قبل الجمهور العربي المتواجد في الدوحة ومنبوذين أيضاً، ولاسيما عندما يعلم أي مواطن أن هذا الشخص مستوطن صهيوني، وكان المزاج الشعبي العام يؤكد مقاطعة هؤلاء وعدم الاقتراب منهم أو حتى نقلهم بسيارات الأجرة أو استقبالهم في الكثير من المطاعم لدرجة أنهم أزالوا إشارات وسائل الإعلام الاسرائيلية وباتوا يتكلمون بلغات غير العبرية الأمر الذي أكد أن اتفاقيات التطبيع لاتساوي الحبر الذي كتبت به.
لقد شكل المونديال ومقاطعة الجمهور العربي للمستوطنين الصهاينة بمثابة استفتاء كبير ومهم للغاية، حيث أظهرت مواقف المواطنين العرب المزاج الشعبي العام الرافض لهذا الكيان الغاصب ولخطوات التطبيع التي وقعتها بعض الأنظمة العربية، وأن هذا الكيان عدو الأمة العربية، ويجب محاربته واسترداد الحقوق العربية المستلبة، وأن الموقف الحقيقي من أي قضية هو ما ترسمه هذه الشعوب وتعبر عنه بكل المناسبات، وهذا ما شكل صفعة قوية لأوهام مسؤولي هذا الكيان الغاصب.
أوهام حكومة العدو الإسرائيلي أو الإيحاء للعالم أن هذا الكيان “دولة” طبيعية في المنطقة من خلال التطبيع ومحاولة اختلاط المستوطنين في هذا الحدث الرياضي مع المواطنين العرب باءت بالفشل بل إن القضية الفلسطينية كانت حاضرة وبقوة من خلال رفض كل أشكال التطبيع والتعبير عن ذلك بأشكال متعددة، وما كان يعتقده الإسرائيلون أن المونديال فرصة لاستكمال التطبيع كان وبالاً عليهم، حيث أظهر أن الشعوب العربية بمزاج شعبي عام يرفض كل تصرفات حكوماتهم المهرولة نحو التطبيع وأن هذا الكيان غاضب ويجب مقاطعته ومحاربته.