الثورة- عبد الحليم سعود:
يبدو أن الحرب في أوكرانيا تسير وفق نسق تصاعدي غير محسوب، فبدل أن تتجه الأمور نحو طاولات الحوار والتفاوض لإيجاد مخارج للأزمة تطمئن روسيا إلى عدم تمدد حلف الناتو بشكل عدائي عبر أوكرانيا من جهة، وتوقف العملية العسكرية الروسية عند حدود الأقاليم الروسية الأربعة التي ضمتها موسكو مؤخرا من جهة أخرى، أثبتت الأيام الماضية أن الناتو بدأ يستهدف روسيا داخل أراضيها بدل أن يكون الاستهداف منحصرا فقط عند حدود الاشتباك أي داخل أوكرانيا بذريعة تقديم الدعم لنظام كييف كي يكون قادرا على الدفاع عن نفسه.
فقد تعرضت بالأمس قواعد عسكرية روسية في الداخل الروسي لهجوم عنيف بالطائرات المسيرة، وهو ما يشير إلى اتساع رقعة الاشتباكات مع احتمال أن تتخذ موسكو إجراءات عقابية شديدة ردا على الهجوم، إذ نددت موسكو بالهجوم الأوكراني واصفة إياه بأنه عامل خطر، متهمة الغرب وواشنطن بالوقوف خلف الهجمات الجديدة.
أما واشنطن المتورطة حتى النخاع في هذه الحرب، فقد ذكرت خارجيتها أن واشنطن لا تساعد أوكرانيا أو تشجعها على تنفيذ هجمات خارج حدودها، وأن الولايات المتحدة تقدم إلى أوكرانيا ما تحتاجه للاستخدام على أراضيها للدفاع عن نفسها، وهذا ما يشكل ذروة النفاق الأميركي، إذ تحاول الظهور بمظهر الإطفائي وهي من تقوم بتأجيج الحرائق في كل مكان من الكرة الأرضية، وذلك بما يتناسب مع خططها المتواصلة لإبقاء هيمنتها السياسية والعسكرية والاقتصادية على العالم، ومنع أي قوة عالمية جديدة من مشاركتها في إدارة شؤون العالم.
وبحسب بعض الخبراء العسكريين فإن هناك عدة رسائل موجهة للقيادة الروسية من خلال الهجوم الجديد على الأراضي الروسية وهي:
• أن قدرات الجيش الأوكراني مستمرة في التصاعد وتستطيع استهداف الداخل الروسي.
• التصعيد الأوكراني ليس وليد الصدفة بل هو جزء من الرد على يسمى تدمير البنية التحتية للبلاد وخاصة في العاصمة كييف.
• استهداف الداخل الروسي يحاول تشتيت تركيز روسيا في الداخل الأوكراني كجزء من استراتيجية محورية في خريطة الصراع. في المقابل هناك من يرى أن استهداف الداخل الروسي هو مؤشر إلى عدة أمور منها:
• قيام الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة بتقديم مساعدات عسكرية متطورة وفاعلة ولاسيما في المجال الجوي عبر تقديم مسيرات انتحارية وصواريخ موجهة بمدى متوسط وبعيد.
• تدريب الآلاف في الداخل الأوكراني وخارجه أيضا على استراتيجية معينة لغاية استنزاف الجيش الروسي في حرب طويلة..
• عدم الحسم الروسي للمعارك على الأرض سببه الدعم السخي الذي تقدمه الدول الغربية لنظام كييف وهو ما ساعده على اتباع سياسة الهجوم بعد الدفاع.
• قيام الغرب بتقديم معلومات استخباراتية لنظام كييف عن العمق الروسي من أجل استهدافه وتوسيع رقعة الحرب.
المؤشرات تؤكد أن روسيا سترد بعنف على الهجوم الأخير، وبحسب بعض الخبراء سيكون الرد في اتجاهين:
• الأول سياسي، ويتلخص في عدم تنشيط أي مفاوضات مع كييف أو الغرب بعد هذا التصعيد.
• الثاني عسكري، وسيكون زيادة وتيرة الطلعات الجوية على كييف وجميع المدن وتدمير البنية التحتية ومنع أي استغلال أوكراني للطاقة من أجل تنمية قدراتها العسكرية، كذلك الإسراع من وتيرة حسم النقاط المحورية للصراع في المنطقة الصناعية في دونيتسك حول بلدات باخموت وسوليدار وأفدييفكا.
يشار إلى أن الهجوم الأخير على مطارين عسكريين روسيين والذي يعد الأكبر من نوعه منذ تدمير جسر القرم، قد أدى إلى مقتل 3 عسكريين روس وإصابة 4 آخرين، وتضرر طائرتين.
