الإدهاش السوري و«الاندهاش» الأميركي

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم

بلا توقف يتوالى ارتسام الموجات الارتدادية، التي ما فتئت تحفر بعمق في الذاكرة البشرية والتاريخية، شلالات من المشاهد المدهشة عن حجم المشاركة في الانتخابات بالخارج، فتقف إدارة الرئيس أوباما مندهشة دون أن تتمكن من اخفاء خطاب عجزها،
ولا أن تكتم غيظها من حالة الإدهاش السوري ميدانياً وسياسياً، المتوّج بمشاهد انتخابات الخارج!! والتي جاءت صادمة للأميركيين وغير متوقعة ولا هي واردة في أجنداتهم، كما لم تدخل في المعادلات السياسية ولا في تقارير الاستخبارات الغربية، أو مراكز بحوثها.‏

الأمر على حلفاء أميركا وأتباعها كان مضاعفاً، حيث تاهوا بين مرتبك يبحث عن ذرائع إضافية ومشوّش يعيد البحث في الأوراق التالفة لإعادة تدوير استخدامها، سواء كان في الخطاب السياسي، أم على مستوى المنظمة الدولية، التي تستقوي بالأردن واستراليا ولوكسمبورغ لتقديم مشروع قرار ساقط آخر بعد الفشل الفرنسي والبريطاني المتكرر!!‏

فحديث الرئيس الأميركي عن دعم المسلحين لم يكن مجرد خطاب عجز سياسي وإعلامي ودبلوماسي فقط، بل يشير بوضوح إلى إفلاس لم تسبقه إليه أي من الإدارات الأميركية السابقة، وإلى زوغان في الرؤية وضبابية في القراءة والتوجه لم يصلهما رئيس أميركي من قبل.‏

فما قام به السوريون في الخارج، وما يمكن أن يقوموا به في الداخل في الثالث من حزيران يطفئ فتيل مبررات التسويف، ويغلق جبهات الذرائع، وأن كل ما سعى إليه الأميركي على مدى أشهر لم يكن سوى جبال من أوهام انهارت في لحظة، وما بنى عليه رؤيته الافتراضية لم يكن أكثر من سراب تبدَّد دون أن يترك أي أثر، وما أنشأه من مسارات موازية واحتياطية لا معنى له، ولا طائل من الاستمرار فيه.‏

وسط هذه المتاهة تتصادم الأطراف الضالعة في العدوان على سورية وتتبعثر خطواتها في اتجاهات متناقضة، وهي تحث الخطا باتجاه إثارة المزيد من الزوابع في السياسة وفي الإعلام وفي الدبلوماسية، حيث تتدحرج في خطواتها نحو مقاربات تبدو عاجزة عن الإمساك حتى بقشّة الغريق وسط أعاصير إضافية، أطلقتها أمواج السوريين المتوافدين على سفاراتهم، في مشهد يقلب المعادلات والحسابات رأساً على عقب، ويؤسس لمرحلة تستكمل حلقة دورانها التاريخي، لتعيد ترتيب المشهد العالمي على وقع تجاذباتها والنتائج التي ستقود إليها.‏

بالطبع ليس من الصعب الآن فهم (فوبيا) الانتخابات التي تقاذفت على مدى أشهر ماضية الخطاب الغربي وساسته وأتباع نفاقه في المنطقة، ولم يعد من العسير تفسير حالة الهلع التي مارست أقصى درجات سطوتها على المناخ الدبلوماسي لكثير من الأعراب والتابعين، في ردود فعل غير محسوبة ومتسرِّعة، وفي بعضها كانت حماقة لا يمكن تبريرها.‏

الفارق اليوم لم يعد فيما مضى أو على ما ذهب، بقدر ما يحاكي الآتي وما يستشعره الغرب وساسته وممارسو الدجل في المنطقة وأتباع العهر السياسي في الإعلام والدبلوماسية، إذ إن الأعاصير التي شكلتها أمواج السوريين تتحضّر لعواصف عاتية من المدّ السياسي في الثالث من حزيران تقتضي جزراً وخسوفاً وكسوفاً يمتد إلى أعماق الأميركي ويصل جذر الأوروبي، ولا يستثني «نخوة» الأعرابي الذي يحاكي في مختلف تصرفاته مفاهيم ساقطة أخلاقياً وإنسانياً وقانونياً.‏

فاستنفار دوائر العدوان بدوله وقواه ومراكز بحوثه وأجهزة مستشاريه واستخباراته، لا يعدّل في اتجاهات الإعصار السوري، بعد أن جاءت مشاهد تصويت السوريين في الخارج صادمة للأميركيين والغرب وأتباعهم حتى في تمنياتهم، وتحولت إلى كابوس تضرعت أن ينشق البحر ويبتلع تلك المشاهد وهي تتنقل على مختلف القنوات العالمية، فيما كانت الصحف تفرد صفحات من الصور لتقاطر السوريين إلى سفاراتهم، عجزت عن إخفائها أو تجاهلها حتى تلك الغارقة في إمبراطوريات الدجل الإعلامي.‏

الإعصار الشعبي السوري عجزت عن التقاطه أو التنبؤ به كل مراكز الاستشعار السياسي، وامتداداته اللاحقة والتوابع الارتدادية القائمة على أساسه تؤشر إلى منعطف تاريخي ليس في السياسة، ولا في الموقف الموازي لمشاهده، بل يتسع ليشمل الجغرافيا والتاريخ والسياسة وعلم الاجتماع ومعه علم النفس وما يتبعه أو يُبنى عليه في قراءة تتعدد فيها الهواجس الغربية، وتنفلت من عقالها حساباتهم السياسية العاجزة عن فك لغز الصمود السوري، وهو العجز الذي سيتوه في أوضح صوره حين سينشدِهُ الغرب بكل ما فيه وهو يراقب أمواجاً إضافية من المحاكاة السورية.‏

إعصار أدهش العالم واندهاش غربي يحاكي أضغاث صبية ساسته ويطوي الأشرعة المعلقة في السراب أو القائمة على عكاكيز الافتراض، ومعها تتبدّد الكثير من الحسابات والمعادلات، وعليه تتهيأ الخريطة العالمية لإحداثيات جديدة تستبعد في الكثير من جغرافيتها ما كان قائماً من هياكل وظيفية حان وقت اندثارها أو بات قاب قوسين.‏

a.ka667@yahoo.com ‏

آخر الأخبار
الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار "أموال وسط الدخان".. وثائقي سوري يحصد الذهبية عالمياً الرئيس الشرع  وعقيلته يلتقيان بنساء سوريا ويشيد بدور المرأة جعجع يشيد بأداء الرئيس الشرع ويقارن:  أنجز ما لم ننجزه الكونغرس الأميركي يقرّ تعديلاً لإزالة سوريا من قائمة الدول "المارقة"   أبخازيا تتمسك بعلاقتها الدبلوماسية مع السلطة الجديدة في دمشق  إعادة  63 قاضياً منشقاً والعدل تؤكد: الأبواب لاتزال مفتوحة لعودة الجميع  84 حالة استقبلها قسم الإسعاف بمستشفى الجولان  نيوز ويك.. هل نقلت روسيا طائراتها النووية الاستراتيجية قرب ألاسكا؟       نهاية مأساة الركبان.. تفاعل واسع ورسائل  تعبّرعن بداية جديدة   تقدم دبلوماسي بملف الكيميائي.. ترحيب بريطاني ودعم دولي لتعاون دمشق لقاء "الشرع" مع عمة والده  بدرعا.. لحظة عفوية بلمسة إنسانية  باراك يبحث الملف السوري مع  ترامب وروبيو  مبعوث ترامب يرحب بفتوى منع الثأر في سوريا   إغلاق مخيم الركبان... نهاية مأساة إنسانية وبداية لمرحلة جديدة  أهالي درعا يستقبلون رئيس الجمهورية بالورود والترحيب السيد الرئيس أحمد الشرع يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك في قصر الشعب بدمشق بحضورٍ شعبيٍّ واسعٍ الرئيس الشرع يتبادل تهاني عيد الأضحى المبارك مع عدد من الأهالي والمسؤولين في قصر الشعب بدمشق 40 بالمئة نسبة تخزين سدود اللاذقية.. تراجع كبير في المخصص للري.. وبرك مائية إسعافية عيد الأضحى في سوريا.. لم شمل الروح بعد سنوات الحرمان