الثورة – لميس علي:
(مفتاح الحكمة ومفتاح روح الدعابة).. ولهذا وفق ميلان كونديرا وجب علينا تنفّسها.. لأنه رأى فيها جوهر الوجود، وبالتالي لا يكفي برأيه التعرف عليها، بل أن نحبّها ونتمرن على حبّها.
لا تبدو “التفاهة/السخافة” بهذا الفهم الذي يسوقه كونديرا متوافقة مع المعنى الذي تحدث به الكاتب الكندي آلان دونو في (نظام التفاهة)، حين فسّرها على أنها سيادة وسيطرة طبقة التافهين والسطحيين على جميع مجالات الحياة.
مفتاح روح الدعابة.. سرّها.. الذي ربما بتطبيقه نُحصّل شيئاً من التوازن في مواجهة العبث واللامعنى المحيط بنا.
إنها التعويذة للحفاظ على بعض العقل في زمن اللاعقل.. وبذلك تتناسب واتباع فلسفة اللامبالاة مضاف إليها شيءٌ من التهكم والسخرية..
لا يعني ذلك امتلاء أوقاتنا بالهذر والأمور السطحية.. إنما محاولة عدم الانجرار خلف تحميل الأمور أكثر مما يجب.
في رواية “حفلة التفاهة”، بعض من فلسفة كونديرا حول مصطلح التفاهة ونظرته لها.
على لسان شخصياته يناقشها ليصل إلى قناعة كيفية مواجهة عدم إمكانية تغيير العالم للأفضل وذلك فقط بطريقة واحدة (أن لا نأخذه على محمل الجدّ).
كأننا نبدع في تطبيق آراء كونديرا بما يخص عدم أخذ أي شيء على محمل الجد..
فكيف نكون جديين أو مفرطين في الجدية في زمان ومكان تسرّبت منهما أي إمكانية لتحقيق “الوجود/العيش” بمقاييس منطقية وإنسانية..؟
كلما زاد منسوب اللامعنى وجب علينا انتشال سلامتنا عبر استخدام أسلوب اللاجدية واللامبالاة كذلك.
تقترب “التفاهة” التي يفسر جوهرها كونديرا، بهذا المنظور، من فلسفة اللامبالاة التي قال فيها كثير من الفلاسفة..
ودائما نتذكر كيف جعل محمود درويش من اللامبالاة صفة من صفات الأمل.
ربما يوصّف مارك مانسون في كتابه (فن اللامبالاة، لعيش حياة تخالف المألوف) اللامبالاة كفن ذكي حين يميّز ما بين عدم الاهتمام الزائد وعدم الاكتراث..
فالأول لا يعني الثاني على الإطلاق إنما هو “أن تهتم على النحو الذي يريحك أنت”.. وأن لا تأخذ الأشياء لتكون دائماً باهظة المعنى والأهمية، لا يعني عدم اكتراثك بها، بل أن لا تسمح لها بخلخلة ميزان عيشك.

السابق