الملحق الثقافي- شعر: هلال السيابي – سفير سلطنة عمان الأسبق في دمشق :
أثلجت صدري زيارتي لدمشق ولقائي برجال الدولة فيها ، وكان ختام ذلك التشرف بلقاء الرئيس المستنير .. فإلى فخامته أرفع هذه القصيدة وفاء بحقّ العروبة والإسلام وحقّ سورية الخالدة
دَوٌى ، فدوٌتْ بهِ الأنباءُ والبرُد
صوت من المجد لا زيفُ ولا فنَد
وزُلزلَ الخطبُ ، وارتدت عواصفه
على بنيه ، وضاءت بالسنا البلد
وقيل : ماذا ، فقالوا : الخيلُ عاديةً
وفٌَت خطاها ، ووفٌَى السٌيف والزٌرَد
وأحكمَ الأمرَ فيها «ابنُ الوليد» هوىً
أما ترى «بردى» بالزٌَهوِ يتٌَقد !!
و»عبدُشَمسٍ» تعالت في منارته
فألهب الصٌِيدَ من ساحِ العلى الصٌَيَد
تباركَ الله هذا الصوتُ نعرِفُه
فكم تعالى به في أفقهِ الأبَد !!
تِلكُمْ «دمشقُ « اذا ما الجَمعُ أنكرَها
فليس يُنكِرُها ماضٍ لها وغَد !
جُنٌَ الجلالُ بها من يومِ مولدِها
وهامتِ الشٌهب فيها وهي تجتلد
ساحُُ ، ولكنها عرٌِيسُ مأسدةٍ
وجبهةُُ بنجومِ المجدِ تحتشد
رأيتُها فرأيتُ العادياتِ بها
موجاً سيذهب من فَوٌَارِهِ الزٌبد
وما رأيت بها الا النفيرَ إلى
ساحِ الجلاد ، وأورى زندَها العَضُد
تكسٌَرَتْ عن ذراها كلٌُ عاديةٍ
من العداةِ ، وثارت للعلا الأسُد!
أعادتِ المجدَ للتاريخِ خافقةً
به الحياةُ ، ومُرٌَانُ الوغى قِصَد!!
وقيلَ يا أرضُ ضاءَ المجدُ فائتلقي
ويا شآم رعاك الواحدُ الأح
شآم يا جبهةَ الدنيا ومقلتَها
ماذا يغرٌِدُ عنك الشاعرُ الغرِد !
دارتْ عليكِ القوافي فارتَوَتْ عَطَشَاً
وإن بدا «بردى» بالرٌَاحِ يَحتَشِد !!
قرنُُ على إثرِ قرنٍ باذخٍ أنُفٍ
وما نبا منك مجدُُ أو كبا جَلَد
صُغتِ الحياةَ عناقيداً مضفٌَرةً
كما يميلُ بقدٌِ الغادةِ الغيَد !
وشِدتِها تحتَ قرنِ الشمس باذخةً
وصنتِها وخيولُ المعتدي طَرَد !!
ورُعتِ من لم يُرَع يوماً بملحَمةٍ
إن قاده الطيش ، أو إن عزٌه الرشد !
ولم يَرُعك زمان والعدى عُدَدُُ
ولا نبا بك خطبُُ والعدى عَدَد !!
وهل تهابُ أسود الغاب من أحَدٍ
وهل على الغابِ يوماً يجتري أحَد !
شآم ، إنٌَكِ ذيٌاك الشرى أبداً
وأنتِ من ضاءَ من لألائِهِ الأمَد !!
بَنُوكِ من صنعوا التاريخَ أو حملوا
راياتِه ، وبقاعُ الأرضِ تَرتَعِد !
ما طاوَلَتهم بنو الدنيا بمفتَخرٍ
الا وطالوا ، و آفاقُ العلى مَدَد !
دمشقُ يا جبهةَ التٌاريخِ ..غرٌتَه
يفديكِ مجدُُ من التاريخ منفرد !
اتيتُ ساحَكِ مَوٌارَ الأسى قلقاً
فراعني منكِ هذا الكبرُ والصٌَيَد
أنٌَى توجٌَهتُ لم ألمسْ سوى أثرٍ
من « خالدٍ « أو من «الفاروقِ» يتٌقد !
وقفتُ بالأمويٌّ الفردِ أسألُه
فَلَمْ يُجِبْ ، وأجابَتْ دونَهُ العُمُد !
تُرى أمن عُمَرٍ هذا النداءُ سرى
أم إنٌه أبداً من دونهِ الأبد !!
صَلٌيتُ في روضِهِ عَلٌِي أشمٌُ به
أعراف من وُلِدُوا بالشهب أو وَلَدوا !!
فَثَم من «عبدِ شَمسٍ « مربعُُ أنُفُُ
تكاد تحسدِه الأقمارُ أو تَفِد !!
وهَاهُنا من « صلاحٍ « مضجعُُ حسَدت
زهرُ الكواكبِ من في أرضهِ لُحِدوا !!
دِمَشقُ جئتُكِ ملتاعاً ، ولي كبد
حرٌَى ، فسُرٌيَ عنٌّي كلٌُ ما أجد !!
و ليسَ بي غير ما بالعربِ من فتنٍ
لهولِها رِيعَ مني القلبُ والكبِد !!
فأنني قد علقتُ المجدَ مؤتلقاً
وانتِ للمجدِ يافيحاءُ مُلتَحد !!
ما قلتُ قافيةً الا وأنتِ على
يَدِي ، و تلك القلاع الشمٌُ مُتٌَسَد !
أرضُُ مقدٌَسةُُ من يومِ مولدِها
ولم تزل للمعالي دائماً تلد !!
وفٌَت بحقٌَ العوالي السٌُمرِ مُصلتَةً
ولم تزل أبداً تُوفِي بما تَعِد !
بشار إنك من ترجوه أمٌَتُه
ليومِ مجدٍ به التاريخ يطٌَرِد
يشدو به الدٌَهرُ أو يرنو لغرٌَتِه
وتستجِدٌُ به الأيام أو تَجِد
ويستعيدُ بهِ التاريخُ مقلتَه
من بعدما قد أصاب المقلةَ الرٌَمد !
ورُوٌعَ المجدُ من حز الشفار به
و الدٌّين من شدة الجلٌى به وَقَد
فهل نعاهدُ فيهِ اللهَ عن عزم
لا تنثني أو يغنٌّي باسمِنا الأمَد !!
وتُصبِحُ الخيلُ عجلى نحوَ ملحمةٍ
فلم يفز أبداً بالنٌَصرِ مُتٌَئِد !!
بَشارُ لم تكنِ الامداحُ من شيمي
فالشعر كالتٌبرِ إن لم يَصْفُ يُنتقد
أبت لي المدحَ أخلاقُُ مُطَهٌرة
وصانني عن مَدِيحِ القومِ ما أجد !
لكن وقفتَكَ الشماءَ قد ملأت
جَنبيٌَ ، حتٌَى كأني للسٌُها أرِد
فجئتُ والشعرُ من خيلي ومن عُدَدَي
فما سِواه وأيمُ الله لي عُدَد !!
يد من الشعر اسديها لصاحبها
إن لم يَكُنْ لي بساحات النٌِزال يد !!
عجبتُ للقوم شَنٌَوها مُزعزِعةً
يندى لها الدٌّين والتٌاريخ والرٌَشَد
إن لم يكونوا دروا كِبرَ الذي ارتكَبُوا
ولادَروا دَورَ أمريكا ومَن تَلِد
فليتَهم سمعوا « رولان» يشرح ما
في الأمر ، أوسمعوا ما قاله «حمد»
لكنٌهم أعمَتِ الأوهامُ أعيُنَهم
فلم يَروا غيرَ ما أوحى به الأوَد!
فجئتُ أدعوك للجلٌَى وأنتَ لها
وللعُروبةِ أوهى حدٌَها اللٌدَد
بالامسِ كُنٌَا بآفاقِ السٌَما شُهُباً
واليومَ نحنُ بنيرانِ العدى بَدَد !!
هنا بنو عبد شَمسٍ دونَ مَفْرقِهم
هامُ الثريا ، اذا ما الخيل تنجرد !
وآل عبٌَاس ما سارَالسٌحابُ سوى
على مدى خيلِهِم أيٌَانَ تطٌَرِد
فمالنا بعدَ ذاكَ المجدِ ليس لنا
الا المرابضُ والحيطان ُ والوَتِد!!
ومالنا بعدَ ذاكَ المجدِ في فِرَقٍ
شَتٌى ، كما هُدٌتِ الحِيطانُ والعُمُد !
هلٌا إلى موقف كالشمسِ مؤتلقٍ
نمضي ، ونرفضُ ما قد بيٌَتَ الرٌَصَد !
بَني الشآمِ ..بني التاريخِ معذرة
إن مسٌَ مفرقَكم من مِقولِي لَدَد
فانني بهوى قومي وآصرِتي
متيٌَمُُ أو يفارقْ رُوحِيَ الجَسَد
فما ولعتُ بغير المجد من إربٍ
وإن كبا الجدٌُ بي أو عاقني السٌَدَد !!
فإنٌما ذاكَ من فعلِ الطٌّرادِ ، وفي
سَاحِ المعاركِ ما يحلو به الطٌَرَد !
فلينصرِالله عربَ المجدِ قاطبةً
حتى يضيءَ بهم للمنتهى الأمد !!
1 ديسبمبر 2022م / مسقط
ملاحظة:
رولان هو رولان دوما وزير الخارجية الفرنسي وحمد هو الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني وزير القطري ، وقد كشف الأول عن التخطيط المسبق لزعزعة الوضع في سورية فيما كشف الثاني عن تفاصيل ذلك .
العدد 1126 – 3-1-2023