قصة الأمير الصغير

الملحق الثقافي:

تعدُّ قصة الأمير الصغير من أبرز أعمال الكاتب الفرنسي الراحل أنطوان دو سانت إكزوبيري، حيث كان لهذه القصة الأثر البارز في اشتهار كاتبها بسبب أهميّة هذا العمل الأدبي، وقد تم التصويت لها كأحد أبرز الأعمال الأدبية التي تم كتابتها باللغة الفرنسية في القرن العشرين، لتتمّ بعد ذلك عمليّة ترجمة هذا العمل الأدبي إلى عشرات اللغات حول العالم الأمر الذي زاد في زيادة انتشار هذه القصة ليتمّ بيع ملايين النسخ منها في جميع أنحاء المعمورة، وتدور أحداث هذه القصة حول شاب في مقتبل العمر يهوى فن رسم اللوحات، ومن خلال رسمه للوحات تحدث معه بعض الأحداث الغريبة التي يكون الأمير الصغير طرفًا فيها.
وفي أحدِ الأيام كان هذا الفتى عاكفًا على إنجاز إحدى لوحاته الفنية، وكانت هذه اللوحة الفنية تجسد ثعبانًا ضخمًا يبتلع فيلًا صغيرًا، فيتجمع الناس حول هذه اللوحة ليشاهدوا جماليتها والتفاصيل التي احتوتها، ثم يندهش الناس من تحول هذه اللوحة إلى واقع حقيقي، حيثُ يظهر ثعبان عملاق وبدأ يبتلع الفيل الصغير على أرض الواقع مما أدَّى إلى فزع الناس وهروبهم، وهذا الأمر ألقى بظلاله على الرسام الموهوب فقرر الابتعاد عن مهنة الرسم ليعمل في مهنة الطيران.
وفي أحد الأيّام بينما يمارس بطل القصة مهنة الطيران إذا بطائرته تتعطل في منتصف الصحراء القاحلة، وفي هذه الصحراء القاحلة يتعرّف الرسام الشاب على الأمير، وبعد أن يصبحا صديقين يطلب الأمير من الرسام الشاب أن يرسم له خروفًا فلا يستطيع الرسام فعل ذلك، ويعيد رسم الثعبان الذي رسمه فيما مضى، ليطلب منه الأمير بعد ذلك محاولة رسم الخروف مرة أخرى، فيحاول الرسام فعل ذلك لكن جميع الرسمات التي يقدمها الرسام للأمير تحتوي على بعض المشكلات، فهذا الخروف يبدو هزيلاً.
وهذا يبدو كبيرًا، ثم حاول الرسام أن يتملص من طلب الأمير فرسم له صندوقًا كبيرًا وأخبره أن الخروف يوجد داخله.. وتمضي الأيام ويكتشف الرسام أنّ الأمير ليس إنساناً طبيعيًا بل إنه من كويكب فضائي خارجي، وهذا ما يجعل صفاته تختلف عن صفات البشر، ليبدأ الأمير بعد ذلك سرد العديد من الأحداث التي وقعت معه في الكواكب البعيدة خارج الأرض، وعن صفات هذه الكواكب وطبيعة السكان الذي يعيشون فيها، وفي نهاية هذه القصة يموت الأمير الصغير لكن روحه تبقى حية ولا يموت منه سوى جسده لاختلافه على البشر، وقبل وفاته يخبر الشاب بأنه قد ترك الكوكب الذي ولد فيه بسبب خلاف بينه وبين محبوبته.. الدروس المستفادة من قصّة الأمير الصغير أن الإنسانَ يعمل على تطوير الموهبة التي يمتلكها ويحاول تحسينها من أجل أن يصبح نتاج هذه الموهبة متفردًا عن إنجازات الآخرين في المجال ذاته، كما أن الإنسان قد يتعرف في حياته على بعض الشخصيات التي قد تحدث فيه تأثيرًا إيجابيًا، كما يُستفاد من هذه القصة أنه يجب على الإنسان أن يستفيد من خبرات الآخرين ومعرفتهم في هذه الحياة من خلال الاستماع إلى تجاربهم وأخذ الفائدة منها بأكبر قدرٍ ممكن.
وها قد مضت أكثر من ثمانين عاماً، مضت مضت على حكاية الأمير الصغير، القصة التي حلقت بخيال الأطفال عالياً مع الفتى الحالم.. وإذ يراها البعض أسطورة فلسفية فقد أدركت آفاق العالم.
وفي التفاصيل
بدأت الحكاية من وراء الاطلنطي منذ عام 1938 عندما ذهب الكاتب الفرنسي انطوان سان اكزيبري إلى الولايات المتحدة ليقيم في نيويورك ويبدأ عمله هناك.
لكن أول كتاب له كان ( البريد الجنوبي) عام 1928 الذي كان السبب في أن تسبقه شهرته إلى الولايات المتحدة قبل ذهابه إليها.. ومن بعده رواية ( أرض الرجال) التي لاقت نجاحاً كبيراً في أميركا وفي فرنسا نالت الجائزة الكبرى للرواية من الأكاديمية الفرنسية وترجمت إلى غير لغات بعناوين أخرى وفي عام 1940 يغادر اكزيبري إلى نيويورك كالعديد من الفنانين والكتاب الفرنسيين الكبار ومع نهاية عام 1942 يكتب قصة الأمير الصغير غير أنه لم ينشرها إلا في نيسان 1946 لأنه وخلال تلك المدة يعود في أيار 1943 للالتحاق بالخدمة العسكرية في الجزائر ويتعلم الطيران من جديد ثم يكتب بعد ذلك روايته ( قائد الحرب) التي نشرت في أميركا باللغتين الإنكليزية والفرنسية ومنعت فيما بعد بناء على طلب الألمان.
( الأمير الصغير) الكتاب الفريد من نوعه هو العمل الأدبي الذي ترجم إلى أكبر عدد من لغات العالم 160 ترجمة كان آخرها إلى لغة أكزوسا وهي إحدى لغات أفريقيا الجنوبية وضرب الأرقام القياسية في البيع حيث بيع منه أكثر من ثمانين مليون نسخة طبعت بقياسات عديدة ( من القطع الصغير والكبير) والمعدل الحالي للبيع السنوي منها هو 350000 نسخة وإذ يحتفى اليوم بالعيد الستين لهذا العمل فإن نجاحه العالمي لم يتغير منذ صدوره وحتى الآن.
شخصية ( الأمير الصغير) التي ابتكرها الكاتب للصبي الخيالي ذي الشعر المنفوش والرداء الطويل كانت بدايتها مع الرسم، ليس برسم خروف ( كبقية الرسوم المتحركة) بل بأمير صغير وجدت رسومه مراراً عديدة بين أوراق أكزيبري منذ أعوام الثلاثينات حيث اعتاد أن يزين صفحاته برسوم ومع أنه لا يدعي أنه يجيد الرسم بل هي خربشات كما يقول فقد عثر على دفاتره مليئة بالرسوم، إنه هاو ممتاز لم يتوقف عن الرسم بالحبر الصيني والألوان المائية، وكانت الفكرة قد لمعت في رأسه قبل زمن طويل إلى أن نضجت عبر السنين.
شخصية الأمير الصغير هي شخصية فريدة من نوعها نحس بقربها تلامسنا من الداخل وبالتدريج، تظهر على سجيتها تتميز بالمرح والبساطة والحلم الكبير فإذا كانت الجنة موجودة فهي تتوضع على الكويكب السيار بين المريخ والمشتري.
لقد سخر الكاتب جميع مواهبه لخدمة عمله الذي أصبح تحفة عالمية يستطيع الأطفال قراءته كقصة جميلة مؤثرة محزنة قليلاً أما للراشدين فهي قصة تدل على مغزى أخلاقي يندد بعالمنا وأصبحنا نرى هذا الصبي الأشقر يتصدر معارض الألعاب والمحال التجارية حتى أنه في اليابان أقيم له متحف.
يقول عنه المبدع الياباني اياو ميازاكي المعروف بأفلامه الرائعة في الرسوم المتحركة (إن ما قدمه سان اكزيبري ليس له مثيل يفرض نفسه علينا ويجعلنا نعيش لحظات رائعة).
وما جسده الكاتب الطيار في هذه الشخصية إنما يهدف إلى إثبات النظرية الأميركية منذ بدايتها.

العدد 1126 – 3-1-2023

آخر الأخبار
توزيع ألبسة شتوية على مهجري السويداء في جمرين وغصم بدرعا   زيارة مفاجئة واعتذار وزير الصحة..  هل يعيدان رسم مستقبل القطاع؟   5 آلاف سلة غذائية وزّعها "الهلال  الأحمر" في القنيطرة آليات لتسهيل حركة السياحة بين الأردن وسوريا دمج الضباط المنشقين.. كيف تترجم الحكومة خطاب المصالحة إلى سياسات فعلية؟  قمة المناخ بين رمزية الفرات والأمازون.. ريف دمشق من تطوير البنية الصحية إلى تأهيل المدارس   زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن.. تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي     تحسن ملحوظ في سوق قطع غيار السيارات بعد التحرير  "إكثار البذار " : تأمين بذار قمح عالي الجودة استعداداً للموسم الزراعي  دمشق تعلن انطلاق "العصر السوري الجديد"   من رماد الحرب إلى الأمل الأخضر.. سوريا تعود إلى العالم من بوابة المناخ   الطفل العنيد.. كيف نواجه تحدياته ونخففها؟   الجمال.. من الذوق الطبيعي إلى الهوس الاصطناعي   "الطباخ الصغير" .. لتعزيز جودة الوقت مع الأطفال   المغتربون السوريون يسجلون نجاحات في ألمانيا   تامر غزال.. أول سوري يترشح لبرلمان آوغسبورغ لاند محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب"