بالتوازي مع إعلان وزارة التجارة الداخلية عن رفع سعر بنزين الأوكتان 95 كانت الحكومة خلال جلستها الأسبوعية تبث رسائل اطمئنان للمواطنين بأن الاختناقات الأخيرة في المشتقات النفطية بطريقها للانفراج في ظل تواتر وصول التوريدات وفق برنامج محدد، الأمر الذي سينعكس إيجاباً في تأمين المادة.
لاشك أن مضمون الرسالة مهم ومطلوب، ويمكن إدراجه ضمن البدايات المبشرة لآليات عمل ستعتمدها تلك الجهات أساسها المكاشفة والمصداقية ووضع الرأي العام بصورة الظروف والمعيقات الكثيرة والصعبة التي تواجه أصحاب القرار عند تأمين المواد والسلع لاسيما الأساسية منها.
واقع الحال أقله إذا ما تحدثنا عن العام الماضي يترجمه المثل القائل من يحرق من الحليب ينفخ باللبن، وجردة بسيطة لجملة القرارات الصادرة يشير بوضوح أنها كانت قاسية جداً وزادت من معاناة الناس وجعلت من الأسواق بحالة غليان دائم لا بل زادت الشائعات التي انعكست بدورها سلباً على الواقع الاقتصادي وحياة المواطن وأشعلت مجدداً ما يعرف بالسوق السوداء التي تجد لديها تخمة في توفر شتى أصناف المواد خاصة المحروقات، وتتاح لكل من يمتلك مفتاح دخولها بكل جرأة لامتلاكه المال.
من هنا فإن أي قرار أو توجه أو نية صادقة بالعمل من قبل الجهات المعنية سيفرغ من مضمونه ويأخذ صفة التشكيك بأنه يخفي وراءه ضربة جديدة موجعة ولن تغير هذه الحالة الراسخة عند غالبية المواطنين إلا تواتر وديمومة صدور العديد من القرارات الإيجابية، لتشمل شتى المجالات يكون هدفها الأول معالجة المشاكل والصعوبات وكل ما يعترض عودة الإنتاج الزراعي والصناعي ومختلف منتجاته التي كانت وستبقى الداعم الأساس للاقتصاد عبر توفير ما يوجه لاستيرادها من قطع أجنبي نحو قطاعات أكثر أولوية.
كثيرة هي مطالب الناس من الحكومة ولعل في مقدمتها أن تجد طرقاً لدعم دخل أصحاب الدخل المحدود جداً الذين باتوا يصنفون ما يتقاضونه من أجور كمعونة اجتماعية وآخر ما يمكن أن يطلق عليها راتب، وعلى أهمية وضرورة هذا المطلب إلا أنه لا يمكن أن نشعر بقيمة ما نتقاضى أو بانخفاض ملموس وحقيقي بأسعار الصرف ولاحقاً أسعار المواد والمنتجات كافة إلا بالدعم الفعلي للعملية الإنتاجية الزراعية والصناعية لا أن نصرح بالدعم وتخصيص المليارات لتلك القطاعات والنتيجة على الأرض تكون للأسف تراجعاً كبيراً وصل مرحلة الخطورة بالإنتاجية وتفاقم الصعوبات وصولاً لما نشهده حالياً من خسائر في القطاع العام وإغلاق العديد من منشآت القطاع الخاص ما يعني قلة حادة في توفر المنتجات واستمرار الارتفاع في الأسعار.