الثورة- ترجمة رشا غانم:
على الرّغم من أنّ محاولة إقناع الولايات المتحدة الأميركية بالتفكير مرّة ثانية قبل إعطاء الضوء الأخضر لتنفيذ قانون خفض التضخم، كان هو الهدف الرئيس لزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الولايات المتحدة الأميركية الشّهر الماضي، وتمّ استقباله بحفاوة كبيرة، إلا أنّه ومن الواضح جداً أنّ واشنطن تعتبر المصالح الأوروبية قابلة للاستهلاك.
لقد عبّر الرئيس الفرنسي خلال حديثه مع الإعلام الأمريكي في واشنطن بكل شفافية ووضوح، أنّ هذا القانون يعد بمثابة قاتل للأعمال والتّجارة في أوروبا، وعلى العكس تماماً، فهو معزّز جداً لكل منهما في الولايات المتحدة الأمريكية، نظراً لأن حكومة الولايات المتحدة، في ضوء القانون، ستقدم إعانات أعلى بعدّة مرات من تلك التي يُسمح لدول الاتحاد الأوروبي بمنحها للشركات في الصناعات الخضراء، والتي يمكن القول إنها ستعيد تشكيل مستقبل المشهد الصناعي والاقتصادي عبر المحيط الأطلسي.
ومن المتوقع بأنّ تنجذب الشّركات والاستثمارات والمواهب والتكنولوجيا إلى الولايات المتحدة بدلاً من أوروبا في وقت قصير، إذا لم يستطع الاتحاد الأوروبي إزالة السقف لإعانات الصّناعة الخضراء، والتي تركز على المستوى المعقول لتعزيز منافسة السوق الصحية ومنع الحكومة من التدخل كثيراً في أنشطة السّوق.
ومع ذلك، فإن قانون خفض التضخم سيجعل الملعب غير متوازن على الفور من خلال خرق القواعد الأساسية للسوق، حيث تأتي مساهمتها في المصالح الوطنية للولايات المتحدة على حساب اللاعبين الآخرين.
لهذا حذّر ماكرون، من أنّ هذا القانون سيدفع المزيد من دول الاتحاد الأوروبي إلى فعل الشيء نفسه ولن يكون لديها خيار إذا التزمت الولايات المتحدة بالقانون لحماية مصالحها الخاصة، مما سيهزّ أساس التجارة الحرة والمنافسة في السوق.
المفارقة هي أن ما تحاول الولايات المتحدة القيام به عبر تقديم إعانات حكومية مفرطة لكيانات السوق هو بالضبط ما تتهم الصين وبعض دول الاتحاد الأوروبي زوراً بفعله، ولا عجب أن ماكرون شكك في طبيعة التحالف بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والذي يبدو أنه تم تفريغه بسبب ممارسات الولايات المتحدة الأولى من خلال ذلك القانون واستغلال الولايات المتحدة لأزمة الطاقة في الاتحاد الأوروبي لتحقيق ربح.
يجب على السياسيين العريقين في أمريكا أن يدركوا أنه إذا تمادت الولايات المتحدة كثيراً في خداع الاتحاد الأوروبي، لن يكون الأمر سوى مسألة وقت لاهتزاز أساس ما يسمى بتحالفهم القائم على القيمة، كأزمة أوكرانيا، التي تطيله الولايات المتحدة من أجل نهاياتها الضيقة، والذي أظهر مدى انقسام التحالف، وعمق الشكوك المتبادلة بينهما.
المصدر: تشاينا ديلي