ذهب ألق العيد بحلول العام الجديد وعادت الهموم أثقل مما كانت عليه، فمع اشتداد البرد غابت الكهرباء بشكل شبه كامل عن أحياء كثيرة، وتنوعت ساعات الوصل بين من لا تكاد تغيب الكهرباء من حيه، وبين من لا يشاهدها لأكثر من دقائق عشرين في اليوم كله، وليست متصلة بل مفرقة على دقائق كل بضع ساعات.
وفي المقابل استمر مرور التيار الكهربائي في المطاعم والمولات وسواها من الفعاليات والمرافق التي باتت أشبه بمرافق للفرجة لا الخدمات بعد انهيار القيمة الشرائية لدخل المواطن السوري، موظفاً كان أم غير موظف، طبعاً مع عدم شمول التجار والصناعيين ورجال الأعمال بهذا الكلام لكونهم من أصحاب الأموال.
فهل إعادة دوران عجلة الاقتصاد عبر المطاعم والمولات؟ وهل يصح قطع الكهرباء عن الورشات الصناعية في وقت تصل في الليل والنهار للمطاعم؟ وكذا الحال، هل يصح قطعها عن المدارس والمنازل والمشافي، في وقت تؤكد التجارب أن حالات نهوض اقتصادات كثيرة تمت عبر دعم الورشات الصناعية، بل حتى الورشات الفردية التي تعمل في غرف ضيقة، ولكن مصادر الطاقة كانت مؤمنة لها.
نجاح الورشات المؤكد يضمن الانتقال إلى مرحلة التجمع البينيّ، لتتحول المسألة مع صاحب أو أصحاب الوفر الأكبر إلى معمل صغير، ومن ثم مصنع، وتعدد هذه المصانع يخلق اقتصاداً قوياً قادراً على دعم العملة وتأمين متطلبات استمرار الكهرباء، بدل أن تحوّل كل طاقات الكهرباء أو المحروقات لمكان آخر، فالورشات باتت استثماراً ناجحاً لمن يملك بضع مئات من ملايين الليرات، فمردوده مؤكد، وربحه الصافي مؤكد أيضاً، بعد الغياب الكامل للمالية عن المطارح الضريبية الحقيقية.
إن كان من نفي لأخبار الموافقات ذات الرقم 650 والمتضمنة إعفاء مراكز بعينها أو مخارج من التقنين، فإن واقع الحال الذي تثبتت منه صحيفتنا يؤكد أن بعض المخارج معفى فعلاً من التقنين، إن لم يكن بشكل كامل، فعلى الأقل نحو 22 ساعة في اليوم، والبعض الآخر تقنن كهرباؤه بشكل منتظم تتراوح بين 3/3 أو 4/2، والمهم أنه تقنين متواتر منظّم، وتفاصيلها كلها موجودة، وهذه مناطق أوتوستراد المزة والمزرعة وشارع برنية وبعض مناطق مشروع دمر الشاهد.
ليس المطلوب من مسؤولي الكهرباء خلق المعجزات بل الحد الأدنى من العدالة في هذه المسألة، فالمنازل فيها المسن والطالب والمريض، فليتذكروا معاناتهم.
السابق