يعد ما يسمى الملف الكيميائي السوري في مجلس الأمن أنموذجاً لا مثيل له في قيام الدول الغربية بزعامة الولايات المتحدة بتسييس عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
في الجلسة الأخيرة للمجلس التي عقدت في الخامس من الشهر الجاري أدرج هذا الملف لمناقشة تقارير للمنظمة الهدف منها توظيف هذا الملف المفتعل والمفبرك ضد سورية، الأمر الذي أثار حفيظة مندوبة دولة الإمارات العربية المتحدة “لانا زكي نسيبة” والتي أكدت أن “ملف الكيميائي في سورية لا يزال من أكثر الملفات المسيسة في مجلس الأمن”.
كذلك لم يختلف موقف دميتري بوليانسكي، النائب الأول للمندوب الروسي لدى الأمم المتحدة عما أدلت به المندوبة الإماراتية والذي رفض الخوض في مناقشة “تقارير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية المطروحة على جلسة المجلس لأنها (مكررة وكأنها صور طبق الأصل عن بعضها بعضاً، ولا تقدم أي أدلة حقيقية ضد سورية وتعكس إصرار الدول الغربية على تسييس عمل المنظمة وتدمير مصداقيته).
بدورها كشفت ممثلة مكتب الممثل السامي للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح بأن جهود بعثة تقييم الإعلان الأولي” لم تجلب أي نتيجة ملموسة “تؤيد ما تذهب إليه الادعاءات الغربية وهو ما يطرح السؤال التالي: لماذا تصر الدول الغربية على تكرار طرح هذا الملف على مجلس الأمن ومعارضة إغلاقه بشكل نهائي؟
خلال الحرب الإرهابية على سورية كرست الدول الغربية الراعية للإرهاب الأمم المتحدة وكل أدواتها لإدانة الحكومة السورية وإيجاد مبررات قانونية عبر مجلس الأمن لشن عدوان على سورية كما فعلت في العراق ولكن يقظة بعض الدول وخاصة روسيا الاتحادية والصين منعت الدول الغربية من خداع مجلس الأمن، وحينها لجأت واشنطن وحلفاؤها إلى المنظمات والمجالس التابعة للأمم المتحدة مثل مجلس حقوق الإنسان ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتكوين ملفات مسيّسة وتوظيفها في إطار الضغوط السياسية على سورية وعندما فشلت في استصدار قرارات لاحقة من مجلس الأمن بشأن هذه الملفات قامت بفرض الإجراءات القسرية الاقتصادية على الشعب في محاولة منها لتغيير خياراته الوطنية والدفاع عن بلاده التي تتعرض لعدوان إرهابي لم تعرفه البشرية.
تقوم الدول الغربية بممارسة الضغوط على أجهزة الأمم المتحدة ومنها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والتي قدم بعض خبرائها تقارير مزيفة على الملف الكيميائي السوري مستمدة من التنظيمات الإرهابية تخدم أجندة رعاة الإرهاب في سورية، وحالت الدول الغربية دون وصول الخبراء إلى المواقع المزعومة كي لا تنفضح أفعالها وتنكشف حقيقة التقارير المزيفة، الأمر الذي أفقد المنظمة مصداقيتها ومهنيتها والتي من المفترض أن تكون تنصف سورية التي أعلنت بإرادتها التخلي عن أسلحتها الكيميائية بإشراف المنظمة والتي أكدت خلو سورية من الأسلحة الكيميائية.
إن إصرار الدول الغربية على طرح هذا الملف على مجلس الأمن وخاصة في هذه المرحلة يستهدف التشويش على الجهود الإقليمية الرامية إلى مكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار في المنطقة والتوقف على التدخل في شؤون الدول الأخرى واستعادة التعاون بين الحكومتين السورية والتركية، بما يفضي إلى انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية وإنهاء الحالة الإرهابية في إدلب والعودة الطوعية للمهجرين السوريين إلى قراهم ومدنهم التي اجتاحتها قطعان الإرهاب الدولي.
لم تعد تنطلي مناورات الدول الغربية وأكاذيبها على العالم، وبات توظيفها السياسي للأمم المتحدة وأجهزتها مفضوحاً ومرفوضاً، وفشلها في فرض إرادتها على مجلس الأمن في جلسته الأخيرة دليل على ذلك، وعجزها في ممارسة الضغوط على بعض الأعضاء الذين حذروا من خطورة الاستنزاف الغربي لمصداقية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ومجلس حقوق الإنسان.