الملحق الثقافي- ديب علي حسن :
ربما كان من أكبر نكبات التطور والتجديد، في الأدب العربي ما جناه ما يسمى الشعر الحر، أو المنطلق أو المرسل أو ما في القائمة من تسميات، وبغض النظر عن بداياته، سواء أكانت مع الشاعر السوري خليل شيبوب، أم نازك الملائكة، أم مهد له شعر الموشحات الأندلسي والخروج على القواعد، ولاسيما القافية، وثمة من يرى أن الأمر قد بدأ مع أبي العتاهية حين قال: أنا أكبر من العروض.
وهناك الكثير في شعر جبران من هذا اللون ولاسيما في (المواكب) ولا ندعي هنا أننا ضد التجديد في الإبداع، فمن يقف ضده لا يعرف معنى الحياة، ولكننا نشير إلى ركوب الكثيرين موجة ما يسمى بـ (الحداثة) يكتبون شعراً ولايعرفون (ألف باء) التفعيلات العروضية، ولا حتى الموسيقا الداخلية، ولا يقتربون من وحدة النص في شعر التفعيلة، فيأتي إبداعهم كأنه كومة من الرمل، يمكنك أن تضيف إليها ما تريد وتحذف منها ما تشاء دون تغيير في المعنى ولا المبنى.
والطامة الكبرى ما يسمى بـ (تداخل الأجناس الأدبية)، وأعني هنا أيضاً عند أرباع أرباع المدعين الإبداع، لا المبدعين، ترى أحدهم يكتب رواية يحشد فيه ما لا يعرف من أغان ومن قصائد، ومن أمثال، ومن ثم يعود إلى السرد دون أن يعلم ماذا قدم وفعل، وقس على ذلك حتى في النص الشعري الذي مزج دون موهبة بين النثر والتفعيلة، وغدا دائرة لا تعرف من أين تلجها وكيف تخرج منها.
(تداخل الأجناس الأدبية) فرضته الحياة المتطورة والثقافة المنفتحة على كل التيارات، وهذا أمر طبيعي، ويجب أن يكون، ولكن علينا أن نعمل من أجل الوصول إلى نص حقيقي نرى فيه أو نلمس فيه روح الإبداع والدهشة والقدرة على أن يأسرك إليه، سواء أكان نصاً شعرياً، أم رواية، ولن نتحدث عن شعرية الرواية، أو القصيدة الملحمة، لقد غدا لكل مجموعاً واحداً.
وما أندر الشجرة التي تنوعت ثمارها وظلت شهية.
العدد 1127 – 10-1-2023