عبد الحليم سعود:
منذ بداية الحرب على سورية في العام 2011 دأبت التنظيمات الإرهابية والدول التي تدعمها على إدخال مصطلح الأسلحة الكيميائية في قاموس خطاباتها متعمدة رشق الاتهامات الباطلة يميناً وشمالاً باستخدام هذا السلاح رغم أن سورية انضمت طوعاً إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في أيلول عام 2013، وأنهت تدمير جميع مخزوناتها ومرافق إنتاجها في عام 2014، ولكن التنظيمات الإرهابية لجأت إلى افتعال “مسرحيات كيماوية” لزيادة الضغط الدولي على الحكومة السورية كي تقدم تنازلات للمشرع الإخواني الإرهابي المرسوم لسورية.
وعندما عجزت التنظيمات الإرهابية عن استفزاز الدولة السورية في الموضوع الكيماوي بادرت فعلياً باستخدام هذا السلاح في منطقة خان العسل بريف حلب وذلك في 19 آذار من العام 2013 وهو ما أدى إلى استشهاد 26 عسكرياً و10 مدنيين، حيث سارعت الحكومة السورية حينذاك إلى الطلب من الأمم المتحدة التحقيق في الحادث لمعرفتها المسبقة بطبيعة المخطط المعد، ولكن تأخر المنظمة الدولية بإرسال محققيها إلى سورية بسبب عراقيل أميركية وغربية، دفع الحكومة السورية التي أرادت إخراج الملف الكيماوي من التداول والاستثمار الرخيص للطلب من روسيا إرسال متخصصين للتحقيق في الحادث، وبالفعل أدت العينات المأخوذة في الموقع إلى استنتاج أن الهجوم انطوى على استخدام غاز السارين فعلياً، وهو الذي يطابق التقييم الذي أجرته الولايات المتحدة، وقد حملت روسيا التنظيمات الإرهابية المسؤولية عن الهجوم، في حين واصلت الولايات المتحدة اتهاماتها الرخيصة للحكومة السورية بالمسؤولية عن الحادث.
وبينما كان محققو الأمم المتحدة يصلون إلى سورية في آب من نفس العام أقدمت الجماعات الإرهابية المسلحة على استخدام السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية من أجل التأثير على عمل المحققين الدوليين ودفعهم تلقائياً لاتهام الجيش العربي السوري زوراً وبهتاناً تحت تأثير الحادث الجديد، وهو عمل متعمد من أجل نسيان وإهمال السبب الحقيقي الذي جاء بالمحققين الدوليين وهو التحقيق بهجوم خان العسل الذي وقع قبل ذلك بخمسة أشهر.
وقد خلص تقرير الأمم المتحدة، الذي اكتمل في 12 كانون أول من نفس العام، إلى «احتمال استخدام الأسلحة الكيميائية في خان العسل» واعتبر أن التسمم العضوي بالفوسفات هو سبب «التسمم الجماعي»، كما ذكر تقرير لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في شباط 2014 أن العوامل الكيميائية المستخدمة في هجوم خان العسل تحمل “نفس السمات الفريدة” المستخدمة في هجمات الغوطة 2013.
وأشار تقرير الأمم المتحدة أيضًا إلى أن مرتكبي هجوم الغوطة “يحتمل أنهم حصلوا على مخزون الأسلحة الكيميائية التابع للجيش السوري”، وهو ما أكدته الحكومة السورية مراراً من أن بعض المنشآت الكيميائية وقعت بالفعل تحت سيطرة الإرهابيين، وقد استكملت الحكومة السورية كافة الإجراءات المتعلقة بنزع السلاح الكيماوي لديها في نفس العام.
ورغم كل ذلك ما زال السلاح الكيماوي موضوع ابتزاز من قبل الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية، إذ لا يتركون مناسبة إلا ويزجون به في التداول مستخدمين وقائع وتقارير مزيفة أعدها عملاء لهم من أجل الضغط على الدولة السورية، ولذلك سيبقى هذا الملف قيد الاستخدام ما دام مشروع إسقاط الدولة السورية قائماً في مخيلة محور العدوان ومرتزقته على الأرض السورية.
اقرأ في الملف السياسي