ميساء العلي:
بعد مرور قرابة العامين على صدوره بهدف تحقيق العدالة ما أمكن بين المكلفين ومعالجة التهرب الضريبي في مجال بيع وشراء وتأجير العقارات الذي يؤدي إلى فوات المنفعة والإيرادات على الخزينة العامة للدولة، هل حقق قانون البيوع العقارية رقم 15 لعام 2021 تقديراً عادلاً للضريبة على العقارات منذ تطبيقه وحتى الآن؟ وهل كان له أثر بزيادة حجم الإيرادات العامة لتلبية متطلبات الإنفاق كما هو مأمول بعد أن كان حجم الضرائب المترتبة على البيوع العقارية كحصيلة متواضعاً قبل تطبيق القانون؟
في تقرير لافت لوزارة المالية نُشر قبل أيام بين أن عدد عقود البيع التي تم تنفيذها في الدوائر المالية عام ٢٠٢٢ في جميع المحافظات بلغ ٤٥١ ألف عقد في حين بلغ عدد عقود البيع منذ تطبيق القانون رقم 15 بتاريخ 3 أيار 2021 حوالي 637 ألف عقد بيع، وبلغ عدد عقود الإيجار التي تم تنفيذها لنفس الفترة ١٨٢ ألف عقد أجار، ليقابله تنفيذ 317 ألف عقد أجار منذ تطبيق القانون ولنهاية العام الماضي.
وبالنظر إلى تلك الأرقام يتبادر إلى أذهاننا السؤال التالي ما هو سبب ارتفاع عدد عقود البيع قياسا بعقود الإيجار؟
لا تعطي مؤشراً
يرى الخبير العقاري عمار يوسف أن تلك الأرقام لا تعطي مؤشراً عن حركة البيع في سوق العقارات ولا تعد عملية بيع كاملة متكاملة بمعنى «قد تكون أي حصة ولو سهم تسجلها المالية على أنها حركة بيع أو انتقال لورثة» وكل ذلك في محاولة لتعزيز المؤشرات الاقتصادية مع أننا نعلم أن هناك حالة جمود حالياً، وبالنسبة للإيجارات بين يوسف أنه نتيجة الظروف والإجراءات التي تتطلبها المالية لتثبيت العقود في البلدية يلجأ المؤجر والمستأجر بتسوية اتفاق خارجي للتهرب من دفع الضرائب.
وأضاف «بكل أسف أي تعديل لقانون البيوع العقارية سيكون نتيجته مزيداً من الجباية وليس لمصلحة المواطن رغم أن القانون الحالي قد عرقل حركة تداول العقارات في سورية نتيجة الضرائب المرتفعة والتعقيدات الإدارية وفتح الباب للفساد من خلال التخمينات العقارية».
مصدر في مالية دمشق اعتبر أن تلك الأرقام طبيعية لجهة عدد عقود البيع، خاصة أنها باتت مهنة لتحقيق الأرباح من قبل أصحاب رؤوس الأموال فجزء منها للمضاربة والمتاجرة والجزء الأخر للسكن، كما أنها تُعد الادخار الأضمن للاستثمار.
للبيع أكثر من مرة
الباحث الاقتصادي الدكتور علي محمد يقول: «أنه لا يمكن تفسير غلبة رقم عقود البيع على رقم عقود الإيجار سوى أن العقار نفسه قد يخضع لعدة عمليات بيع في العام الواحد (قد تصل لـ 4 مرات مثلاً في حال كان ينتقل من ملكية لأخرى تخص تجار عقارات أو مستثمرين في القطاع العقاري)، فيما تخضع عقود الإيجار لفترة زمنية يتفق عليها بين المالك والمستأجر والتي قد تكون لمدة عام أو أكثر وفي العقارات التي تؤجر مدة أقل من ذلك، قد يتفق الطرفان على التجديد دون القيام بإبرام عقد إيجار رسمي في الدوائر الرسمية.
وأشار إلى أن عدد عقود عمليات البيع بلغ نحو 451 ألف عقد، بقيمة عقارات رائجة نحو 14.3 تريليون ليرة سورية، أي ما يعادل نحو 107 بالمئة من قيمة اعتمادات موازنة 2022، ولا شك أن الضريبة المستوفاة على هذه الأرقام تشكّل عائداً ضريبياً مهماً للموازنة العامة، ولكن لدى المقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي _ أحدث رقم إحصائي كما أعلم يعود للعام 2019 البالغ حينها 11،904 مليار ليرة، سنفترض أنه الآن 13 ألف مليار ليرة_ يتضح أن القيمة الرائجة لعقود البيع المنفذة خلال العام 2022 تعادل 110 بالمئة.
غلبة الاستثمار العقاري
وأضاف أن الأرقام والنسب المذكورة أعلاه تدل بوضوح على غلبة الاستثمار العقاري على من يملكون مالاً، وذلك بغرض المتاجرة أو الحفظ الآمن لقيمة أموالهم نظراً للارتفاع المتتالي بأسعار العقارات في سورية بشكل دائم نظراً لعوامل لن نخوض بالحديث عنها الآن.
الجدير ذكره أن الضريبة المتوجبة وفق قانون البيوع العقارية رقم 15 لعام 2021 أصبحت تقدر بنسبة محددة من القيمة الرائجة للعقار، مما يحد من تدخل العامل البشري في تحديد الضريبة على البيوع العقارية بالاعتماد بشكل أساسي على نظام المعلومات الجغرافية (جي أي اس _ GIS)، للوصول إلى قيمة رائجة في كل منطقة.