الملحق الثقافي- ديب علي حسن :
ثمة من يرى أن معظم التجارب الإبداعية لا سيما في السرد تدور حول تجارب المؤلف، وسواء كان ذلك صحيحاً أم لا فإننا نجد من يبحث عن المبدع في أعماله.. وربما أيضاً عن الشاعر… فهل هذا نوع من البحث عن خفايا وكواليس يبوح بها المبدع ذات يوم..؟
عندما حاورت ناظم الجعفري المصور الزيتي كما يحب أن يسمي نفسه سألته عن لوحة، هل هي من خيالك؟؟؟ جن جنونه وكاد يحطم ما بيدي أنا والمصور واستطرد قائلاً:أنت مجنون هذا موديل من لحم ودم كان درساً قاسيًا لي لكنه مفيد….
اليوم نعود ثانية إلى الحديث عن أدب الاعترافات وضمنا المذكرات مع أن بينهما بوناً واسعًا، لكن ثمة خيط رفيع يربط بينهما، الاعترافات أحيانًا تذهب إلى أبعد مناطق (التابو) أو اللاشعور، قد تصدمنا بشيء ما لم نكن نتوقعه… هي نوع من التطهير والاعتراف وغير ذلك ربما لا نجد أمثلة كثيرة عنها في الأدب العربي ويبقى المثل الأعلى لها عالمياً :اعترافات جان جاك روسو.
أما المذكرات فهي سجل نشاط شخصي يتداخل فيه العام والخاص وقد تحمل نفحات من الاعتراف وهذا نجده عند الجواهري في مذكراته وحواره مع فاروق البقيلي وعند فدوى طوقان في رحلة جبلية صعبة.
ومن باب اللطائف أن بعض العاملين في السلك الدبلوماسي يكتبون مذكراتهم يضمنونها نفثات مكبوتة مثل ما فعلت هيلاري كلينتون عندما كتبت في مذكراتها أنها يوم تصالحت مع بيل قبلت رأسه على مضض وقالت:وددت في داخلي أن أدق عنقه لكنه رئيسي.
إنها تجارب المبدعين عن حيواتهم من أعمالهم وآلامهم يعيدون صوغها لتكون بستاناً متنوع الثمار من المر إلى الحلو.
العدد 1130 – 31-1-2023