لو تحدثنا أياماً وشهوراً لن نفي الكثير من المبدعين السوريين حقهم، فثمة من أعطى وقدم حروفاً وشعراً وأبحاثاً وكتابة أطربت مسامعنا وأشعلت جذوة فؤادنا بجمالها ورقتها، كيف لا وهم الذين كتبوا تاريخاً حافلاً بالنضال والعطاء، خبروا معارك الحياة والكرامة منذ أن كانوا صغاراً وكباراً.
هذا العام وللأسف خطف منا الموت ثلة من المبدعين السوريين الذين حفروا أسماءهم بماء الذهب ليرسخ في وجداننا ووجدان الأجيال القادمة لسنين طويلة، فهاهو الشاعر شوقي بغدادي يرحل ليشعرنا بأن عبق الماضي يتلاشى، فهو القادر على الغوص في الأعماق من خلال شعره، المتفرد بجماليات النص الشعري ليتبعه د.نذير العظمة الذي أخذ قسطاً من قلوبنا، وهو الباحث والكاتب والشاعر والناقد الذي قدم ماقدمه، فكان أيقونة حقيقية في فضاء الإبداع والعطاء، ثم ليأتي الألم من جديد برحيل الصحفي إبراهيم ياخور الذي كتب وقدم العديد من البرامج ثم رحيل الكاتب والمترجم الدكتور نزار عيون السود بعد مسيرة عطاء امتدت خمسة عقود قام من خلالها بنقل روائع الأدب المكتوب بلغة دوستويفسكي إلى لغة الضاد، ليكون في رصيده الإبداعي اليوم أكثر من خمسين كتاباً مترجماً.
لاشك أن رحيل المبدعين يشكل فراغاً كبيراً في المشهد الثقافي عموماً ولاسيما أن المبدع ضمير وطنه وشعبه وهو المهموم بقضايا أمته، والأهم أنه في أزمة الوطن ازداد عطاءه وتضاعفت إنسانيته في سبيل تقديم جل مالديه.
لا نقول وداعاً لهؤلاء فهم إيقونات إبداعية أنارت درب الإبداع وكلها في النهاية تشكل لوحة الجمال الأسمى والأنقى، صحيح أن فراقهم ليس هيناً لكن العزاء الوحيد أن إبداعهم باقٍ فينا كما روحهم التي تفيض ضياء وصفاء وبهاء.