“ولادة طفل تحت الأنقاض ووفاة والدته في حلب” من الصور المؤلمة والحزينة جراء الزلزال الذي ضرب بلدنا، وكانت نتيجته مئات الضحايا وعدد كبير من الإصابات وانهيار وتصدع العشرات من الأبنية السكنية، لكن ما يدعونا رغم الفاجعة التي ألمت بنا إلى النهوض والاستمرار تلك الروح السورية الوطنية لمختلف الشرائح المجتمعية التي سارعت إلى لملمة الجراح بأدوات وإمكانيات محلية ذاتية، وهذا ليس بالأمر الغريب على بلد عانى ومازال يعاني من ويلات الحرب الظالمة والحصار والعقوبات الاقتصادية الجائرة من قبل الدول الغربية التي لم يتحرك فيها أي شعور إنساني.
ما رأيناه من استنفار حكومي وأهلي كان ترجمة للهوية السورية الوطنية، رغم قلة الموارد والمعدات اللازمة في الكوارث الطبيعية، إلا أن المورد الأهم والأكثر ملاءة كان العنصر البشري، فالمنظمات الأهلية المحلية أثبتت أنها قادرة على الاضطلاع بمسؤولياتها المجتمعية تجاه المجتمع.
وفي المشهد الآخر رأينا تحركاً ملازماً لتلك المنظمات كان من خلال عدد من المبادرات المحلية للمساعدة للحد من أثر وألم تلك الفاجعة، فالقطاع الخاص ظهر هذه المرة كشريك وطني حقيقي، للوقوف إلى جانب الحكومة وتقديم الدعم المادي للعائلات المنكوبة، ومساعدتها لتجاوز تلك المحنة، بشرط أن تكون تلك المبادرات التي سمعنا عنها “من حملات التبرع” قائمة على أسس واضحة لتحقيق الغاية المرجوة منها، وألا تتحول كغيرها من المبادرات إلى مجرد دعاية مؤقتة، فالمطلوب الكثير من قطاع الأعمال الوطني لا يتوقف عند حملات التبرع بالأموال بل المساهمة قدر المستطاع بإعادة تأهيل المباني التي تضررت من الزلزال لإعادة الأهالي إلى منازلهم.
كلنا مطالبون بالوقوف إلى جانب الدولة وتقديم ما نستطيع كل بحسب إمكانياته حتى لو بالكلمة الطيبة الصادقة للنهوض والوقوف مجدداً، فالسوريون قادرون على تجاوز هذه الفاجعة ولملمة جراحنا جميعاً.