انشروها على نطاق واسع، واتركوا صداها يتردد في كل مكان، وادعوا أولادكم وأحفادكم ليراقبوا ويتعلموا من المواطن السوري العنفوان والجبروت والإباء والكبرياء والصلابة والحضارة والأصالة والشهامة والتعاضد والتكاتف والتعملق على الجراح التي ألمت وعصفت به.
انشروها على أوسع نطاق، وتناقلوا كيف استماتت أفاعي وعقارب وضباع الفيسبوك مد رؤوسها القذرة النتنة من جحورها المظلمة عبر صفحاتهم المأجورة، والمواقع الصفراء الدنيئة والرخيصة، التي أصيب أصحابها بالذبحات القلبية والجلطات الدماغية وهم يتابعون بالصوت والصورة الهبات الحكومية عالية المستوى والفزعات الأهلية والمبادرات المجتمعية، وقوافل المساعدات المحلية والعربية والدولية، وفرق الإنقاذ التطوعية، والتبرعات النقدية “بالمليارات”، والمساعدات العينية “مئات الشاحنات الحملة بآلاف الأطنان من المواد الإغاثية والغذائية”، وقوافل المتبرعين بدمائهم الذكية، والمتطوعين للمشاركة بعمليات أنقاد المصابين والبحث عن ناجين، ومئات المبادرين لإستضافة الأسرة التي دمرت منازلها أو تلك التي هربت من غضب الطبيعة الذي أدمى القلب وزاد من قوة ضمائرنا قوة لا قبلها ولا بعدها قوة.
انشروا “بالبنط العريض” الوقائع الموثقة، وارجموا الأخبار الكاذبة والزبد والمعلومات الملفقة “المدفوعة الأجر سلفاً” التي تم فضح زيفها وكشف زورها وبهتانها وغايتها ودوافعها.
نعم، نحن أقوياء “من أجلنا .. من أجل أرضنا وعرضنا ووطننا وكرامتنا ..” .. ونعرف أكثر من غيرنا بعد الحرب الملعونة التي شنت علينا، وغضب الطبيعة الذي حل بنا، أن الحياة بظروفها وتقلباتها .. تهلك الضعفاء دائماً، ونؤمن بأننا كنا ومازالنا وسنبقى كالبنيان المرصوص، وأننا في توادنا وتراحمنا وتعاطفنا مع أشقائنا وأحبتنا وأخوتنا في محافظات حلب واللاذقية وحماة مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وأن من ثقلت موازينه بالأعمال الخيرة والحسنة فأولئك هم المفلحون، ومن خفت بالدسائس والأحقاد والضغائن هم الخاسرون والخائبون والفاسدون.
أنشروا ووثقوا اليوم .. كل ما سيكتب التاريخ غداً .. واكتبوا بالبنط العريض أن اللحمة الوطنية السورية الإنسانية ـ الاجتماعية ـ الأخلاقية التي لا قبلها ولا بعدها، ستدرس في قادمات الأيام بـكبريات الجامعات العالمية، وستكون مضرب مثل ومحط إعجاب ومثار اهتمام ودهشة الأشقاء والأصدقاء والأعداء على حد سواء … شاء من شاء، وأبى من أبى .. ورغم أنف الجميع من دون استثناء