لم تكن هي المرة الأولى التي يتعرض فيها السوريون لأزمة، بل في كل مرة ينهضون كطائر الفينيق أكثر التحاماً وتماسكاً ببعضهم البعض، فهم أبناء الحياة، أكبر من كل الجراح وقد أثبتوا للعالم في الحرب صمودهم وانتصارهم، وهاهم يثبتون اليوم وفي كل يوم أنهم إخوة في الدم والجسد والحياة.
أيام صعبة ومريرة عاشها السوريون من جراء الزلزال الذي ضرب وطنهم، من كل مكان التحموا، تعاضدوا، تعاونوا لإنقاذ الناس من كل مكان ترى السوري يتبع أخاه السوري يقدم إليه مااستطاع إلى ذلك سبيلاً..
تلك الثواني كانت محنة حقيقية، وكانت متعبة ومرهقة، وفي الوقت نفسه كنا أقوياء، مؤمنين بقدرة الله وأننا قادرون اليوم كما الأمس برسم درب الخلاص للعالم، وليس لوطننا وحده.
مشهد اليوم ليس عادياً ولا حدثاً عابراً بل هو ملحمة سطرها السوريون برغم الجراح، والآلام والوجع، لتبقى خالدة في أسفار التاريخ.
منذ الساعات الأولى للزلزال انطلق السوريون لإنقاذ أبنائهم ووطنهم، الجميع قدّم وتبرّع وعمل كخلية نحل لاتعرف التوقف، مشاهد تدمي العيون وترهق القلوب، لكنها تحمل في محتواها العديد من الدلائل والإشارات أن هذا الشعب لايموت، وأن التضحيات الكبرى تحتاج إلى حراك حقيقي.
المجد لسورية التي تعانق السماء، المجد للسوريين أبناء الإنسانية والتكاتف والتعاضد، الذين ظهرت عظمة مواقفهم في مثل هذه الوقائع، وهذه النكبات.
سننهض من ركام الوجع، وسنعمر وطننا من جديد، وستورق هذه الأرض بدماء شهدائنا، فنحن القادرون على فعل واجتراح المعجزات حين يغرق العالم في ديجور الظلام، نحن القادرون على ذلك قولاً وفعلا وعملاً وإنجازاً ووعداً بأن القادم سيكون الأكثر قدرة على التفاعل مع كل ما هو في سبيل الوطن، فمن لا ينتمي لأرضه ووطنه لن يكون منتمياً لأي إنسانية أو عالمية…
الرحمة للشهداء والشفاء العاجل للجرحى.