تؤكد الكثير من المعطيات التي توافرت لدينا، والمتابعات التي قمنا بها كإعلاميين منذ وقوع الزلزال المدمّر وحتى اليوم، إن بلدنا نجح إلى حد كبير في العمليات الإسعافية والطارئة التي قامت بها مختلف الجهات العامة والخاصة، وفي إيواء ومساعدة الناجين والمصابين.. ونعتقد أنه كان سينجح أكثر في إنقاذ عدد أكبر من تحت الأنقاض، فيما لو كانت لديه إمكانيات أكبر في المعدات والآليات المطلوبة، وخبرات أفضل في كيفية التعامل مع الكوارث الزلزالية.
وهذا النجاح الأولي، لن يكتمل وتظهر نتائجه النهائية في كل المجالات المتعلقة بنتائج وتداعيات”الفاجعة”، إذا لم توضع له عبر المؤسسات خطط عمل منظمة ودائمة مبنية على قاعدة بيانات دقيقة للأضرار التي لحقت بالبشر والحجر والبنى التحتية، وعلى دراسات معمقة وممنهجة يقوم بها خبراء مختصون، ومن ثم في وضع برامج تنفيذية لهذه الخطط تعتمد على ما لدينا من إمكانيات وما يقدم إلينا من مساعدات مختلفة من الدول الشقيقة والصديقة.
وهنا نقول إن ما خلفته كارثة الزلزال من أضرار على نسبة كبيرة من أبناء المحافظات بشكل عام والمنكوبة منها بشكل خاص، ضخم جداً جداً ولم يسبق له مثيل إلا في بعض الأماكن التي دمرها الاٍرهاب وداعموه، وبالتالي ستكون له تداعيات سلبية جداً على المواطنين والمجتمع والإنتاج والاقتصاد الوطني، إذا تأخرنا وتعثرنا في إنجاز الدراسات ووضع الخطط الاستراتيجية، وفي تنفيذها وفق آليات عمل ومتابعة دقيقة وجادة جداً وسريعة، تختلف تماماً عما سبق قبل الكارثة.
وما ذكرناه يتطلب إنجاز عمليات الإحصاء وقواعد البيانات، والتغيير في نمطية التفكير، وفي آليات وأدوات المساءلة والمحاسبة، عبر إقامة ورشات عمل، وعبر تشكيل فرق استشارية وفرق عمل وفرق متابعة مع اتباع الشفافية والوضوح في التعامل مع الإعلام الوطني الحريص على المواكبة وتعزيز كل ما هو إيجابي ومحاربة كل ما هو سلبي وما يسيئ للخطط وتنفيذها، كما يتطلب وضع أولويات تتعلق بالضحايا والمصابين، وبمن دمرت بيوتهم لجهة دعمهم مادياً ومعنوياً ولوجستياً، وبمن تضرروا بنِسَب مختلفة، وببرامج التنفيذ الزمنية التي يجب أن تتوافق مع الإمكانيات المتوافرة في كل المجالات.. وللحديث تتمة.