منذ إنشاء الكيان الصهيوني الغاصب على أرض فلسطين قبل نحو سبعة عقود ونيف وهو لا يكف عن الإرهاب والقتل والعدوان، ما يبرهن على طبيعته العدمية المنافية للحياة، ويؤكد أزمته الأخلاقية المتعمقة وإحساسه بالضعف والنقص رغم ما يمتلكه من وسائل قوة وقتل وتدمير وما يقدم له من دعم واحتضان أميركي وغربي، والمؤسف أن العالم “المتحضر” يقف دائماً كشاهد زور على الجريمة الصهيونية المستمرة بحق شعوب المنطقة، ولاسيما الشعب الفلسطينيي المظلوم الذي لم ينل من المجتمع الدولي سوى التعاطف الفارغ و”القلق” الذي لا يرد ظالماً ولا ينصف مظلوماً ولا يحفظ حقاً.
أقذر جرائم الكيان الصهيوني – وكل جرائمه قذرة ومدانة – هو إقدامه ليلة الأمس على قصف أحياء مدنية في مدينة دمشق وقتله مدنيين أبرياء في قلب منازلهم الآمنة وأماكن عملهم بروح وبدم باردين، مؤكداً المرة تلو المرة أنه كيان عديم الأخلاق والقيم والمبادئ الإنسانية البسيطة، ومتجرد من كل حس إنساني، إضافة إلى أنه متمرد على الشرعية الدولية والقوانين الدولية، وقد قدم نموذجاً في غاية من الانحطاط والوقاحة في التعاطي مع نكبة الزلزال في سورية، إذ لم يفرغ السوريون بعد من إنقاذ ضحاياهم من تحت الأنقاض وتقديم مراكز الإيواء الآمنة للناجين، حتى انقض على جزء منهم وأصابهم بزلزال إرهابه الوضيع حارماً إياهم من بيوتهم الآمنة في سلوك مدان يشكل وصمة عار على جبين الإنسانية جمعاء.
يبدو أن الكيان الصهيوني المجرم قد استاء كثيراً -وكثيرا جداً- من الوقفة الإنسانية الرائعة التي وقفها عموم أبناء سورية إلى جانب أخوتهم في المناطق المنكوبة، واغتاظ من مشهد الإلفة والمحبة والتعاضد فيما بينهم، فأراد الانتقام من روحهم الإنسانية الرفيعة التي يفتقدها في مجتمعه المتطرف ولدى حكامه الإرهابيين القتلة، وقد تناسى للحظة أن هذه الحرب افتعلتها أميركا والغرب وأدواتهما في المنطقة وعلى رأسها جرثومة الإرهاب القلقة -إسرائيل- التي لا تريد لمأساة السوريين أن تتوقف، وما قدمه السوريون خلال الأسبوعين الماضيين من صور إنسانية رائعة شكل مفاجأة غير سارة لهذا الكيان وضربة قاصمة لمخططاته البائسة على مدى السنوات الماضية.