حلب – جهاد اصطيف:
بين دعم مادي ودعم نفسي وصلوات غائب ودعوات لم تفارق الحناجر، منذ وقوع كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب سورية فجر يوم الإثنين « ٦ « شباط الجاري، قدمت العديد من الدول والشعوب ملحمة من المساعدة والمساندة للشعب السوري.
هبة أكثر مصداقية
وبعيدا عن المواقف والرؤى المختلفة، إزاء تلك الكارثة التي حملت وتحمل الكثير من التأويلات، فإن الهبة التي شهدناها ولمسناها حقيقة، كانت الأكثر مصداقية ونقاء، إذ تحولت إلى ما أشبه بالسيل الإنساني المتجرد تماما من أيّ أبعاد أخرى.
حقيقة لم نر مثل تلك الهبة، وهذا الحراك منذ سنوات طوال، من تفاعل منقطع النظير للمواطنين والجاليات، وعشرات المبادرات الشعبية والفردية التي تم إطلاقها لإغاثة المنكوبين وإنقاذ العالقين ودعم المشردين، جنبا إلى جنب مع المساعدات التي قدمتها وتقدمها العديد من الدول بشتى انتماءاتها، في لوحة برز منها بريق أمل، وسط الظلام الدامس الذي خيمت عليه الكارثة ووقعها وتداعياتها، ولعل أقل ما يوصف هذا التحرك بأنه « حق رد الجميل لسورية وشعبها العظيم «.
ماراثون إنساني
إذن تنوعت مظاهر الدعم المقدم، أبرزها حملات التبرع بالدم، وإرسال متطوعين للمناطق المنكوبة وتقديم المساعدة الميدانية، والمشاركة برفع الأنقاض وإنقاذ الأرواح، وجمع التبرعات وتقديم المساعدات بمختلف أنواعها وأشكالها، فعلى المستوى العربي، هبت شعوب المنطقة للمسارعة في هذا « “الماراثون الإنساني” « الملح عبر عشرات، بل مئات المبادرات والاستغاثات في مشهد قلما شهدناه في السنوات الأخيرة، لتتحول منصات التواصل الاجتماعي إلى ما يشبه المزاد الضخم لتقديم عروض الدعم والمساعدات بشتى أنواعها، لتهرول العديد من الدول والأحزاب والجمعيات والمؤسسات والجاليات، وحتى الأفراد لجمع التبرعات تضامنا مع الشعب السوري، وقد لاقت صدى وتفاعلا كبيرا وصل حد تبرع النساء برواتبهن وبعض حليهن الخاص لصالح المتضررين من الزلزال.
ألوان مختلفة دخلت السباق
أيضا كان لمختلف شرائح المجتمع دور واضح في هذا السباق الإنساني، حيث ناشد رجال الدين بضرورة دعم ومساعدة المنكوبين، وحثوا الناس في مشارق الأرض ومغاربها على تعظيم مشاعر الإخاء والإنسانية، فيما زخرت المساجد والكنائس بالصلاة على أرواح الضحايا.
الإعلام هو الآخر مارس دورا ملحوظا في اللحاق بركب هذه الهبة، فدشن عشرات الكتاب والصحفيين وبعض المنصات الإعلامية العديد من المبادرات وحملات التبرعات لمساعدة المتضررين، وحثوا الشعوب على المساهمة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه إزاء كارثة وصفت بأنها واحدة من أخطر الكوارث في السنوات الأخيرة، وكذلك الكثير من الفنانين الذين ساهموا بشكل أو بآخر في حملة الدعم والمساعدات، فبعضهم ألغى حفلاته تضامنا مع الضحايا، فيما تبرع آخرون بأجرهم للمتضررين، ومنهم من أعرب عن تعازيه الحارة لأسر الضحايا والمنكوبين وأعلنوا تضامنهم الكامل إزاء تلك الكارثة المروعة.
أنصع اللوحات
وفي النهاية، يمكننا القول إن الحكومات لم تستأثر وحدها بالمشهد، إذ طغت الشعوب على الموقف، مقدمة واحدة من أنصع اللوحات الإنسانية بياضا ونقاء، معلية قيم الإنسانية والإخاء والمساعدة رغم ما تعانيه من واقع معيشي مؤلم.