الصين قدمت مبادرة لإحلال السلام في أوكرانيا، تضمنت 12 بنداً، دعت خلالها إلى وقف العمليات العسكرية وبدء عملية تفاوضية واستئناف الحوار المباشر في أقرب وقت ممكن، لكن الولايات المتحدة عارضت تلك المبادرة بشكل صريح، خلافاً للموقف الروسي المرحب، ليبقى الجانب الأوروبي متأرجحاً بفعل ارتدادات التبعية العمياء لواشنطن.
الجانب الأوكراني- وهو يفترض أن يكون المعني الأول – أبدى موافقة جزئية على بعض نقاط المبادرة، فقط من باب تسجيل موقف سياسي، كي لا يقال بأن قراره بيد واشنطن، ولكن في النهاية لن يكون لرد الفعل الأوروبي، أو الأوكراني تجاه المبادرة الصينية أي تأثير يذكر، فالولايات المتحدة هي صاحبة الكلمة العليا، ومن هنا فإن أي عملية تفاوض محتملة لإنهاء الحرب في أوكرانيا يجب أن تكون مع الجانب الأميركي حصراً.
الصين، وبصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن، أخذت على عاتقها مسؤولية العمل لإنهاء الحرب بما يخدم السلم العالمي، ولكن المشكلة هي أن الولايات المتحدة لا ترغب مطلقاً بإحلال السلام في أي منطقة تشهد حروباً ونزاعات، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ترفض بأن يكون لأي دولة صاعدة، أي دور فعال ومؤثر في الساحة الدولية، وهي تحارب روسيا في أوكرانيا لهذا السبب، وأكثر ما يقلقها هو تعزيز العلاقات الإستراتيجية بين الصين وروسيا، وتعتبر ذلك تحدياً لقواعد النظام العالمي، وفق مفهومها الاستعماري.
الولايات المتحدة، تسعى لتأجيج الحرب في أوكرانيا، وتصر مع أتباعها الأوروبيين على هزيمة روسيا عسكرياً، وهذا أمر محال، أثبتته مجريات وتطورات الحرب بعد عام على بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة، لذلك فهي لن تسمح في الوقت الحالي بتمرير المبادرة الصينية، أو أي مبادرة دولية أخرى، تهدف لإنهاء الحرب وإحلال السلام، لأنها هي المستفيد الأوحد من استمرار الحرب، وإنهاؤها يقوض مصالحها الاستعمارية، فهذه الحرب تستنزف روسيا وأوروبا معاً، وهي تعمد لفتح جبهات صراع جديدة على النفوذ الدولي، ربما تصل إلى حد المواجهة العسكرية بحال غرقت أكثر في حساباتها الخاطئة، إذ تهيئ الأرضية لمواجهة الصين في وقت لاحق، وتحضر تايون لتكون ساحة مواجهة أخرى على غرار الساحة الأوكرانية، ولكنها بكل تأكيد لن تضمن بأن تكون النتائج في مصلحتها، وهذا ما تؤكده طبيعة توازنات القوى الدولية الجديدة.
