الملحق الثقافي:
من المعروف أن حملة نابليون على مصر عملت على نهب الآثار والكنوز والمخطوطات التي يمكن الحصول عليها، وقد قام فريق مرافق للحملة بذلك، واستطاع شامبيلون فك الكتابة الهيروغليفية.
ولكن الهدف لم يكن العلم للعلم إنما الروح العدائية وهذا ما جسده تمثال في فرنسا يمثل شامبيلون وهو يضع قدمه فوق رأس إخناتون، مي عرفة تابعت القضية وكتبت.
وقد نشر فيديو منشور على اليوتيوب في تشرين الثاني 2012، وأثار حالة من الاستياء والغضب لدى المصريين سواء داخل مصر أو في فرنسا، حيث عرض لقطات لتمثال يصور العالم الفرنسي الشهير «جون فرانسوا شامبليون»- الذي قام بفك رموز اللغة الهيروغليفية- وهو يتكئ بإحدى قدميه على رأس تمثال مصري قديم مكسور يعتقد إنه لـ «إخناتون»، ويقال أن التمثال موجود في كلية «الكوليج دو فرانس Collège de France» بالحي اللاتيني بباريس، وليس في جامعة «السوربون Sorbonne» كما يعتقد الكثيرون.
التمثال يعود للنحات الفرنسي المشهور «فردريك أوجست بيرتولدي»صاحب «تمثال الحرية»، وانتهى بيرتولدي من صناعة التمثال المثير للجدل عام 1863، وقد عُرض هذا التمثال للمرة الأولى في معرض تشكيلي بباريس عام 1875، وبعدها وخلال العام ذاته وُضع في مكانه الحالي في ساحة كلية Collège de France، ويذكر أنه تم صناعة نسخة جديدة من التمثال وُضعت مؤخراً في ساحة جامعة «جرونوبل» جنوب فرنسا.
ويحمل التمثال عبارة منحوتة على رأس إخناتون ترجمتها بالعربية «أنا من أجل مصر ومصر من أجلي»، وهي العبارة الشهيرة التي كان بالفعل يرددها شامبليون، من فرط عشقه بالحضارة المصرية وآثارها، ولا يختلف الأمر كثيراً لدى النحات بيرتولدي، الذي كان مهتماً هو الآخر بعلم المصريات.
تمثال شامبليون وهو يطأ بقدمه رأس إخناتون
وازدادت المطالبات بتدخل وزارتي الثقافة والآثار رفضاً لهذا التمثيل الذي اعتبره الكثيرون يشكل إهانة للحضارة المصرية، إلى أن قام وزير الثقافة المصري الدكتور جابر عصفور- وزير الثقافة الأسبق- عام 2014، بإرسال خطاب إلى السلطات الفرنسية من أجل إزالة تمثال عالم المصريات الفرنسي الشهير شامبليون، قائلاً في إحدى الصحف الرسمية آنذاك: «معالجة هذه المشكلة تتطلب الحكمة ويجب حل المشكلة بالتفاهم والحوار وفتح قنوات للتواصل فى هذا الشأن مع الجانب الفرنسي الذي تربطه بمصر علاقات متينة».
كما أرسلت الدكتورة كاميليا صبحي، خطاباً لوزارة الثقافة الفرنسية تطالب بإزالة تمثال شامبليون باعتباره تمثالاً مسيئاً للحضارة المصرية، لكنها صرحت أن فرنسا تصر على موقفها ولن يتم إجبارها على فعل شيء، وأننا نعرف ما قدمه شامبليون من خدمات جليلة للحضارة المصرية، ومن هذا المنطلق ندرك أن هذا التمثال مجرد رؤية فنان.
ويعتقد بعض علماء المصريات بأن شامبليون أعلن عن فك رموز حجر رشيد في نفس المكان بالكلية الفرنسية عام 1822 وهو نفس المكان الذي وضع فيه التمثال عام 1875، ورغم أن المصريين يقدرون الدور الذي قام به شامبليون في فك رموز اللغة الهيروغليفية القديمة، حتى أنهم وضعوا اسمه على أحد شوارع القاهرة والإسكندرية، لكن هذا لا يعني أبداً أن يكون المقابل هو تمثال يطأ بإحدى قدميه رأس تمثال يرمز للحضارة المصرية.
العدد 1134 – 28-2-2023