الملحق الثقافي- محمد خالد الخضر:
أصل الثَّقافة في اللُّغة العربيَّة مأخوذ من الفعل الثلاثي (ثقف) بضمِّ القاف وكسرها. . ولها كثير من المعني منها العلم والفنون وتقويم الاعوجاج وفي النتيجة وصلت إلى سلوك اجتماعي شامل ونجد أن الأشكال التعبيرية مثل الفن، الموسيقا، الرقص، الطقوس بما في ذلك ممارسات منظمة سياسية واجتماعية وفلسفية وأدبية وهذه الأخيرة أعطت في بدايات عصر النهوض الإنساني الذي بدأ على شكل عفوي شخصية الإنسان وبيئته البنيات والأسس التي تحدد ماهية المجتمع ومدى أهمية حضوره .. ولاسيما أنها عكست وقائع الحركة الإنسانية وصوّرت أثرها وتفاعل المجتمع معها .. لهذا في بدايات ظهور الشعر على سبيل المثال كان عندما يكتشف شاعر بالقبيلة تقام الأفراح ويتباشر الولدان وتقام الولائم لأنه يشكل لسان القبيلة وممثل إعلامها .. وبعد ذلك اشتدت مكونات الثقافة العربية وفرض وجودها في العالم .. وأصبح العرب حسبا صعبا في تفكير الأمم الأخرى التي تستهدف الكسب واستغلال غيرها وأصبحت أمة صعبة المنال نظرا لقوة بناء شخصيتها الثقافية والتاريخية وهذا سبب تداعيات مختلفة منها استهداف الحركة الشعوبية في البداية للثقافة العربية والشعر بشكل كبير
لأن الثقافة سمة للفرد والشعر من أهم مقومات مكون شخصية البيئة لأن الشاعر ابن البيئة التي ينشأ فيها ، ومرآة صادقة للمجتمع تنعكس فيه هموم الناس ومشاكلهم ، وتطلعاتهم المستقبلية . والشعوبية حركة شعبية – تهدف إلى مقاومة العرب وظهرت في العصر الأموي ومن شعرائها .. إسماعيل بن يسار النسائي الذي افتخر بقومه وأمجادهم ، وعير العرب في جاهليتهم بعاداتهم وطريقة عيشهم. وتزايد وجودها في العصر العباسي . وأقدم ما وصل إلينا من الكتب التي استعملت لفظ الشعوبية كتاب «البيان والتبيين» للجاحظ الشعوبية ودراسة الشعوبية في هذه الفترة من تاريخنا ، ضرورة ماسة تكشف لنا الخطر في هذا العدو الذي وإن تبدَّل أو تغيَّر في أطوار التاريخ ، واتخذ رداء الهجوم الأدبي والثقافي والتراثي والعنصري واللغوي والديني ، إلا أنه ظل العدو المتربص بالعرب وما يمتلكونه من ثقافة .. ولاسيما أنها كانت أول من بدأ بتهشيم اللغة العربية وجعل الشعر بلا هوية وتحويله إلى أشكل وألوان ولهجات ليصل إلى التنديد باللغة العربية ومقوماتها وعدم الالتزام بوحدتها وبالتالي لانهيار الهوية العربية .. وهذا ما وصل إلى الحاضر العالمي الذي يسعى إلى السيطرة على ثقافته بأنواعها الموساد في انعطافات كثيرة وخلال شعاب مختلفة كالماسونية والايديولوجيا وتسير ما يستطيع من مكوناتها وناسها لتقوية السيطرة الاستعمارية وسيطرة ما يذهب إليه ويهدف في كثير من التطلعات التي تخدمه في انهيار العقل البشري ليكون في حدود سيطرته الكاملة .
ولعل أول ما سعى إليه تغيير مفاهيم الحداثة التي تلغي شخصية الأديب والمثقف وعلى سبيل المثال اعتبار الشعر لبسا قديما لا يمكن أن يعبر عن المرحلة إلا بشكل آخر تلغي الهوية وهذا ما تورط به كثيرون لأنهم لا يمتلكون القدرة على معرفته أو لا يمتلكون موهبته .. ثم حدثت متغيرات أخرى فطلع مصطلح جديد في أشكال الأدب وأجناسه وهو ( الهايكو ) ففرغ كثيرا من محتويات الأدب ابتداء من التسمية غير المرتبطة بهوية العربي وصولاً إلى المبنى والمعنى وهذه التسمية هناك من تمسك بها تلبية لتطلعات الآخرين بثمن معين وهناك من تمسك بها لأنها طريق للعاجزين أدبياً وثقافياً .
ولا يخفى على أحد محاولة تشويه التطلع الثقافي بأكمله خلال الحرب الإرهابية على سورية .. ومن أخطرها إعلامية في صحيفة تدعو إلى تكوين نقابة لما سمته بالشعر المحكي وإعطاء كل مدينة وقرية وضيعة وخيمة رخصة بهذا المجال والأخطر من ذلك ظهرت شخصيات وحملت أسماء ولا تتقن أن تقرأ سطرا .. ولا أعلم كيف مر مقال لصحفية رفعت به المنصوب على الاختصاص كقولها نحن الصحفيين ثم كتبت حضرت نشاطاً فيه شعر مقفى وشعر موزون وغير ذلك ما ينشر ويطبع من كتب كصدور كتاب فيه فصيح ومحكي ولهجة مصرية .. أليس هذا استهدافاً خطيراً .. ناهيك عن ترويج دعاة الإسلام الذي بدأوا منظومتهم التخريبية بترويج لثقافة الذقن واللباس الطويل معها كما فعلت داعش والنصرة والإخوان المسلمون وغيرهم ممن صنعهم الموساد وقتل من لا ينتمى طائفياً ومذهبياً .. وتشجيع التخريب الثقافي بالكامل لنصل إلى ما يرسمه الآن الكيان الصهيوني .. اطلقوا صرخة شرف .. وتمسكوا بوطنكم وهويتكم وتشددوا كما يتشدد غيركم لمسحكم من الوجود .
العدد 1134 – 28-2-2023