الثورة- ترجمة ميساء وسوف:
هناك شيء غير منطقي بشأن رفض الرئيس بايدن المفاجئ لمقترح السلام الصيني المكون من 12 نقطة بعنوان: موقف الصين من التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية.
فقد وصف بايدن الخطة التي تدعو إلى وقف التصعيد ووقف إطلاق النار واحترام السيادة الوطنية وإنشاء ممرات إنسانية واستئناف محادثات السلام بغير العقلاني، وقال للصحافة: لم أر شيئاً في الخطة يشير إلى أن هناك شيئاً سيكون مفيداً لأي شخص آخر غير روسيا إذا تم إتباع الخطة الصينية.
تنص الخطة على أن الحوار والتفاوض هما الحل الوحيد القابل للتطبيق للأزمة الأوكرانية، ويجب تشجيع ودعم جميع الجهود التي تفضي إلى تسوية سلمية للأزمة.
بدلاً من إشراك الصين- وهو بلد يبلغ عدد سكانه 1.5 مليار نسمة وأكبر مصدر في العالم، وصاحب تريليون دولار من الديون الأمريكية وعملاق صناعي – في التفاوض على إنهاء الأزمة في أوكرانيا، تفضل إدارة بايدن أن تهز أصابعها أمام الصين محذرة إياها بعدم تسليح روسيا.
إن الولايات المتحدة، وليس الصين، هي التي تغذي الصراع بما لا يقل عن 45 مليار دولار من الذخيرة والطائرات بدون طيار والدبابات والصواريخ في حرب بالوكالة التي تخاطر بتحويل العالم إلى رماد في محرقة نووية.
إن الولايات المتحدة، وليس الصين، هي التي أثارت هذه الأزمة من خلال تشجيع أوكرانيا على الانضمام إلى حلف الناتو، وهو تحالف عسكري معاد يستهدف روسيا بضربات نووية وهمية، ومن خلال دعم انقلاب عام 2014 للرئيس الأوكراني المنتخب ديمقراطياً والصديق لروسيا فيكتور يانوكوفيتش، وبالتالي إشعال فتيل حرب أهلية بين القوميين الأوكران والروس في شرق أوكرانيا.
لماذا تمنع الولايات المتحدة عقد اتفاق سلام؟ لماذا لا يقدم الرئيس بايدن رداً جاداً على خطة السلام الصينية، ناهيك عن إشراك الصينيين على طاولة المفاوضات؟.
بايدن وفريقه من المحافظين الجدد، ومن بينهم وكيل وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند، ليس لديهم أي مصلحة في السلام إذا كان ذلك يعني أن واشنطن تتنازل عن القوة المهيمنة لعالم متعدد الأقطاب غير مرتبط بالدولار القوي.
ربما ما أثار قلق بايدن، إلى جانب احتمال أن تظهر الصين البطل في هذه الملحمة الدموية، هو دعوة الصين لرفع العقوبات الأحادية الجانب، فالولايات المتحدة تفرض عقوبات أحادية الجانب على مسؤولين وشركات من روسيا والصين وإيران، كما تفرض عقوبات على بلدان بأكملها، مثل كوبا، حيث أدى الحظر القاسي لمدة 60 عاماً، إضافة إلى إدراجها في قائمة الدول الراعية للإرهاب، إلى صعوبة حصول كوبا على الحقن لإعطاء لقاحاتها الخاصة خلال وباء كورونا.
ودعونا لا ننسى سورية، حيث أنها بعد زلزال قتل الآلاف وترك مئات الآلاف بلا مأوى، تكافح البلاد للحصول على الأدوية بسبب العقوبات الأمريكية التي تثني عمال الإغاثة الإنسانية عن العمل داخل سورية.
في آب 2022، اتهم سفير الصين في موسكو الولايات المتحدة بأنها المحرض الرئيس على حرب أوكرانيا، مما أثار استفزاز روسيا بتوسع الناتو إلى حدود روسيا، هذا ليس منظوراً غير مألوف.
ويشاركه الاقتصادي جيفري ساكس الذي قال في مقطع فيديو بتاريخ 25 شباط 2023 متوجهاً لآلاف المتظاهرين المناهضين للحرب في برلين: إن الحرب في أوكرانيا لم تبدأ قبل عام، ولكن قبل تسع سنوات عندما دعمت الولايات المتحدة الانقلاب الذي أطاح بيانوكوفيتش بعد أن فضل شروط القرض الروسي على عرض الاتحاد الأوروبي.
بعد وقت قصير من إصدار الصين لإطار السلام الخاص بها، استجاب الكرملين بحذر، مشيداً بالجهود الصينية للمساعدة، ولكنه أضاف أن التفاصيل تحتاج إلى تحليل دقيق مع مراعاة مصالح جميع الأطراف المختلفة.
وبالنسبة لأوكرانيا، يأمل زيلينسكي أن يلتقي قريباً بالرئيس الصيني شي جين بينغ لاستكشاف اقتراح السلام الصيني.
وقد لاقى اقتراح السلام هذا استجابة أكثر إيجابية من الدول المجاورة، وقال الزعيم البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو: إن بلاده تدعم بالكامل خطة بكين كما وافقت كازاخستان على إطار السلام الصيني في بيان ووصفته بأنه يستحق الدعم، وأظهر رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، الذي يريد أن تبقى بلاده خارج الحرب، دعمه للاقتراح.
تصطدم دعوة الصين لحل سلمي مع موقف الولايات المتحدة المستمرة بإثارة الحرب منذ العام الماضي، عندما قال وزير الدفاع لويد أوستن، عضو سابق في مجلس إدارة شركة ريثيون: إن الولايات المتحدة تهدف إلى إضعاف روسيا، على الأرجح لتغيير النظام، وهي استراتيجية فشلت فشلاً ذريعاً في أفغانستان التي غادرها الاحتلال الأمريكي بعد ما يقرب من 20 عاماً وتركها تعاني الإفلاس والفقر.
يتماشى دعم الصين لخفض التصعيد مع معارضتها الطويلة الأمد لتوسيع الولايات المتحدة / الناتو ، والتي تمتد الآن إلى المحيط الهادئ مع مئات القواعد الأمريكية التي تطوق الصين، بما في ذلك قاعدة جديدة في غوام تضم 5000 من مشاة البحرية، ومن وجهة نظر الصين، فإن النزعة العسكرية الأمريكية تهدد إعادة التوحيد السلمي لجمهورية الصين الشعبية مع مقاطعة تايوان المنفصلة.
قد لا يساعد استعداد الولايات المتحدة للعمل مع الصين على خطة سلام لأوكرانيا على وقف الخسائر اليومية في الأرواح في أوكرانيا ومنع المواجهة النووية فحسب، بل يمهد أيضاً الطريق للتعاون مع الصين في جميع أنواع القضايا الأخرى، من الطب إلى التعليم إلى المناخ، والذي من شأنه أن يفيد العالم بأسره.
المصدر: غلوبال ريسيرش