تشير تطورات الأحداث المتسارعة، إلى أن المنطقة تقف على أعتاب مرحلة جديدة من التقارب والتوافق بين دولها، خلافاً لرغبة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني بجعل هذه المنطقة من العالم بؤرة دائمة للتوتر، بما يخدم مخططاتهما العدوانية ومشاريعهما الفتنوية لاستهداف أمن واستقرار شعوب هذه المنطقة.
من هنا فإن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين السعودية وإيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، هو موضع ترحيب كبير من قبل العديد من دول العالم باستثناء الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، لاسيما وأن هذه الخطوة ستعزز الأمن والاستقرار في المنطقة، وتشكل لبنة صلبة في مواجهة التحديات الكبرى، كما أن لهذا الاتفاق دلالات كبيرة على بدء تلاشي النفوذ الأميركي أمام مسار مخاض ولادة نظام عالمي جديد، متعدد الأقطاب.
الصين التي رعت الاتفاق، أثبتت دبلوماسيتها الناجحة بأنه يعول عليها – بوصفها قوى عظمة صاعدة- في حل القضايا الشائكة على الساحة الدولية عن طريق الحوار والدبلوماسية، خلافاً للسياسة الأميركية التي تزرع الخراب والدمار في بقاع العالم لتحقيق أهدافها الاستعمارية، فجاء الاتفاق السعودي الإيراني ليراكم الفشل الأميركي في المنطقة، ويسجل نقطة إضافية في مرمى النجاحات والإنجازات الدولية التي تحققها الصين، من خلال استخدام نفوذها الإيجابي لبناء علاقات دولية على أساس الحوار والاحترام المتبادل بين الدول.
كان للعراق وسلطنة عمان في مراحل سابقة دور إيجابي أيضاً في تظهير هذا الاتفاق وإنجاحه، وهذا دليل آخر على أن الدول التي تتمسك باستقلالية قرارها، وتحترم المواثيق الدولية، باستطاعتها إنجاز الكثير على مسار تصحيح العلاقات الدولية، بعيداً عن الهيمنة الأميركية، اللاهثة وراء فرض قواعد خاصة تخدم مشاريعها التوسعية على حساب أمن واستقرار الشعوب الأخرى.
السعودية وإيران هما الرابحان من خلال هذا الاتفاق، ودول المنطقة هي الرابح الأكبر، فيما الولايات المتحدة والكيان الصهيوني هما أكبر الخاسرين، لاسيما وأنهما فشلا في عزل إيران، وفشلا أيضاً في ثني السعودية عن مسألة إعادة النظر بعلاقاتها مع الجمهورية الإسلامية، وربما حالة الاستياء الأميركي، والغضب الصهيوني تجاه الاتفاق، يشير بالفعل إلى حجم الهزيمة التي تلقاها المشروع الصهيو-أميركي في المنطقة.