كثيرة هي المطارح الضريبية، أنّى أدرت وجهك تجد مطرحاً ضريبياً متخماً ومثقلاً بالأرباح غير هيّاب ولا وَجِل من ضريبة أو تهرّب منها.. إن وجدت أصلاً..
الغريب أن المالية وعلى كثافة المطارح الضريبية المحيطة بها، لا تجد مطرحاً للجباية أفضل من الموظف والمواطن عموماً مع أن وزارة المالية بمجملها وجدت أصلاً لتكون الخزينة مملوءة بالمال اللازم لاستمرار الحياة والخدمات، أما في يومنا هذا فكل مواطن يخشى التعامل معها لكثافة الاجتهادات الآنية التي تثقل كاهله، والتي تتفتق عنها ذهنية الموظف في إسقاطه لكل ضريبة مقررة على حالة المواطن.. ولو لم تتفق الحالة..!
المشكلة الحقيقية في المالية ليست طريقة تعاملها مع بقية المطارح الضريبية بالذهنية إياها المعروفة عنها، بل المشكلة في الغطاء الذي يوفر لها تمدد هذه الذهنية، وهو الاجتهادات التي باتت أكثر مهارة في الالتفاف على النص من تشريع أو قرار، فالنص يكون مقتله في التعليمات التنفيذية التي يضعها الموظفون أنفسهم، باعتبارها أكثر راحة لهم في التعامل معه وتؤمن لهم المساحة التي تمكّنهم من توسعة القميص أو تضييقه أحياناً، أما الحالات التي لا يشملها نص، فليس القياس بأفضل السبل للتعامل معها، إلا إن كان المثل الذي يُقاس عليه أقسى من الاجتهاد، وإنما الاجتهاد هو الفيصل في كل حالة لا نص لها.
لماذا كل هذا التضييق، ولماذا الإجهاد ورسم الصورة السيئة للمالية، فمهما كانت الرسوم والضرائب التي تجبيها من المواطن، فلن تعادل ضريبة واحدة حقيقية تُجبى من مطرح ضريبي منتلئ وينتظر قطافه، وهو الأساس الذي بُنيت عليه الشجرة الضريبية المتضيّقة تصاعدياً، فالقاعدة كبار المكلفين وقمتها صغارهم أو معدموهم، وعلى ذلك الأساس يُفترض أن تجري الأمور.
لا مناص من تغيير العقلية، فالوضع لم يعد يحتمل التسويف أو المماطلة في التغيير، والكرة في ملعب المالية قبل أن نسمع مجدداً عن تحقيق وتدقيق وكف يد وإعفاء.. وهلمّ جرّا.