يشكل الإحباط أكبر هزيمة في حياة الإنسان إذا ماجاور النفس وتملك الإرادة، فهو يجر المرء إلى مهاوي الخيبة والاكتئاب، وربما الانفصال عن الواقع.
لعله أحد الشرور المعنوية والمادية التي تلاحق الأشخاص والأفراد الذين استسلموا لأبسط الأشياء وأعقدها، قسراً وعنوة من دون أي مواجهة أو تحد لظروف طارئة أو مستوطنة.
واللافت هذه الأيام استغلال البعض للظروف من حولنا ممن يستهوون إشباع نظرية التشاؤم بعين سوداوية، والتي تصبغ بطابعها ألواناً شتى من اليأس والإحباط، وربما باتت هذه الحالة مهنة وعدوى عند الكثيرين.. فهي لاتكلف شيئاً إن كانت بنية الخبث وخلق البلبلة في نفوس العباد بهدف كسر الخواطر، وتبديد الأحلام والآمال، وشيطنة الطموحات والرؤى المستقبلية، حيث يباع الوهم وتبتلى العواطف بشرخ من الأمراض النفسية المهيئة لفعل التجاوب والتغيير نحو الأسوأ.
لاشك أن التحديات كبيرة، والواقع المعيشي المرير وضيق الحال وقلة الحيلة جميعها أثقلت كاهل أبناء المجتمع، وإن كانت بدرجات متفاوتة، لكن يبقى أصعبها هو اللعب على أوتار النفوس، وشرايين الطاقة، وشل القدرة على التفكير بلغة تفاؤلية، ما يؤثر في مقاومة الشخص ورفضه لكل تبعات القلق والإحباط.
هي مرحلة من العذاب والقسوة والظلم فرضت على شعبنا ومجتمعنا بأساليب عدوانية مدروسة على الصعيدين الداخلي والخارجي، أرخت بتداعياتها وظلاها على جميع المستويات ونالت مانالته من خراب ودمار وفساد وفوضى ..لكنها لم تنل عند الغالبية العظمى من تلك القوة والطاقة النفسية التي يمتلكها أبناء هذا الوطن العزيز وأثبتوها قولاً وفعلاً وسلوكاً.
فبقيت نظريات الإحباط على خطورتها والفوضى والتشويه لفعل العزيمة والإرادة، والتي هي من صفات السوري الأصيل، بعيدة المنال والنيل من شرايين الحب والانتماء لأرض وجذور وهوية.