رغم ثورة الطبيعة التي عبرت عن غضبها المجنون، وطوّت بين جنباتها الكثير من أحياء لما تنضج أحلامهم بعد، وأسكتت ضحكات أطفال كزغب القطا لما ينبت ريشهم ليحلقوا في فضاءات الحياة الحالمة، وحجارة لو أتيح لها أن تنطق لتحدثت حديث منازل كانت عامرة بأهلها، رغم ذلك الحدث الرهيب تخرج الروح من صمتها لتنطلق إلى الحياة من جديد، وتعاود المحاولة لتجاوز واحدة من أشد الأزمات قسوة، وأكثرها مرارة.
تعود الحياة إلى المنابر الثقافية لتنبض بثقافة جديدة، ألم يقولوا مرارا وتكرارا” من عمق الألم يولد الإبداع” فها هي المعارض تزهر في الصالات من أجل عيون أمل لايزال يرسل شعاعه في حلكة الظروف القاسية ليكون عوناً على نكبات الدهر وصروفه، والأنشطة الثقافية والأدبية تقف إلى جانب الوطن في التخفيف من أعبائه عبر الكلمة المسؤولة والموقف الجاد، وقبل كلّ شيء الانتماء والتمسك بأهداب الوطن وجذوره.
وتحت شعار” الإبداع مسؤولية وأخلاق” سينطلق اتحاد الكتاب العرب في مؤتمره السنوي من أجل النهوض بواقع الثقافة والمثقفين، للوقوف إلى جانب الوطن ونصرته، فلطالما شكّل الأديب في مواقفه علامة فارقة في المجتمع عندما يبث الوعي بين صفوف أفراد المجتمع، وحثّه على تحقيق التكافل الاجتماعي وتمثل قيم وشمائل تحكي حضارة عريقة لاتزال إشراقتها تنير أفق الحياة.
هي الحياة تعيد تشكيلنا من جديد بعد كلّ أزمة تصيبنا، ولأننا أبناء الحياة نسعى إلى بناء ما تهدم من نفوسنا قبل بناء ما تهدم من بيوتنا، ونغلف الحياة بابتسامة رضا لقضاء الله وقدره، فالاستمرار بمتابعة الرسالة قدر محتوم، فلتكن رسالتنا كما اعتدناها دائماً رسالة محبة وسلام وإيمان بأن القادم هو الأجمل، وبأن في الحياة دروب أمل لم نعبرها بعد، وأحلام تنتظر عشاقها لبناء مستقبل مكلل بهامات النصر، ومعمد بأرواح قضت في سبيل الوطن.