دينا الحمد:
أي اتفاق عربي عربي، أو تقارب عربي مع دول الجوار يغيظ الكيان الإسرائيلي، الذي استنفر قواه الإعلامية والاستخباراتية والمالية على مدى عقود لبث الفرقة والتناحر بين دول المنطقة وشعوبها.
فاستراتيجية الكيان الإسرائيلي اعتمدت على مدى عقود على تأجيج الخلافات العرقية والقومية والدينية والمذهبية بين شعوب المنطقة، واستثمرت فيها، وخلقت الحروب والفتن والأزمات على هوامشها.
من هنا فإن استئناف العلاقات بين الرياض وطهران شكل صدمة حقيقية لهذا الكيان ومستوطنيه وحكامه ومراكز دراساته وباحثيه وصحافته ووسائل إعلامه التي ضجت بالتحليلات والأخبار التي تؤكد أن عودة العلاقات الطبيعية بين السعودية وإيران سينعكس سلباً عليه.
وإذا حاولنا رصد بعض ردود الأفعال من داخل الكيان المحتل سنجد المئات من التصريحات الإسرائيلية التي تشي بتخوف الصهاينة من التقارب السعودي الإيراني وطي صفحة الخلافات، وإمكانية إنهاء حرب اليمن، وقضايا عديدة في المنطقة ستتأثر إيجابياً باستئناف العلاقات.
فبعض الردود اعتبرت أن افتتاح سفارات لدى البلدين واستئناف العلاقات سيشكل زلزالاً خطيراً يهدد الكيان الغاصب وينسف مخططاته التخريبية في سورية والعراق ولبنان والمنطقة برمتها، وها هو رئيس حكومة الاحتلال السابق نفتالي بينت يصف الاتفاق بالفشل المدوي لكيانه، وخطر داهم عليه، ويقول حرفياً: “إن استئناف العلاقات السعودية الإيرانية يمثل انتصاراً سياسياً لطهران”.
وعلى الخط الموازي ذاته يقول رئيس لجنة ما تدعى “الخارجية والأمن” في الكنيست الصهيوني يولي أدلشتاين: “إن الاتفاق بين السعودية وإيران سيئ جداً لإسرائيل” أما عضو الكنيست أفيغادور ليبرمان فقال: “إسرائيل تنهار من الداخل ومعزولة عن الخارج، وسيكون لتجديد العلاقات بين السعودية وإيران عواقب وخيمة على أمن إسرائيل.. نحن على منحدر زلق وخطير للغاية”.
هكذا عبر بعض الصهاينة عن قلقهم من التقارب السعودي الإيراني، متمنين استمرار الخلافات بل وتوسيع شروخها، لأنها الوقود الدائم لأزماتها التي فتكت بشعوب المنطقة.
من هنا فإن على حكومات المنطقة برمتها السعي لتحصين مثل هذه الخطوة وقطع الطريق على أعداء شعوب المنطقة مثل واشنطن والكيان الإسرائيلي، وعليها البناء على هذه الخطوة وتوسيع دائرة المصالحات لتشمل كل الخلافات والصراعات القائمة بين دول المنطقة وصولاً إلى بناء تكامل إقليمي بين الدول العربية والإسلامية وصولاً إلى التكامل مع دول “بريكس” والاندماج مع مبادرة الصين “الحزام والطريق” لما فيه خير المنطقة والعالم.