تشهد الساحة الدولية سباقاً بين فريقين متناقضين، الأول: يسعى لترسيخ الأمن والاستقرار ومنع انحدار الأوضاع العالمية إلى نقطة الصدام المباشر مع الاتجاه الثاني الذي يعمل لتصعيد الوضع الدولي في كل الاتجاهات العسكرية والاقتصادية والسياسية غير مكترث بالتهديدات الخطيرة للسلم والأمن الدوليين.
يتمثل الفريق الأول بأغلبية دول العالم وفي مقدمتها روسيا الاتحادية والصين والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل وسورية وإيران وغيرها في جميع القارات.
ويتجسد الفريق الثاني بالولايات المتحدة وأغلبية الدول الأوروبية وأستراليا وكيان الاحتلال الإسرائيلي والدول الخاضعة لهذا المحور الذي يسعى لتحقيق مصالحه وإلحاق الهزيمة بالطرف الأول غير مكترث بعواقب هذا الخيار ونبذه من أغلبية الدول واحتمال أن يؤدي إلى حرب عالمية مباشرة تحول العالم إلى كتلة لهب.
يكشف التصعيد الأميركي بعد سقوط الطائرة المسيرة MQ- 9 Reaper في البحر الأسود واتهام روسيا بإسقاطها والذي نفته موسكو ولاحقاً قيام المحكمة الجنائية الدولية الخاضعة لهيمنة الدول الغربية بإصدار مذكرة “اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمفوضة الرئاسية لحقوق الطفل ماريا لفوفا بيلوغا سعي واشنطن وحلفائها إلى تصعيد التوتر مع روسيا لحافة الحرب العالمية الثالثة والصدام النووي، ويعد تجاهل الدول الغربية للتحذيرات الدولية من اقتراب وقوع هذه الحرب ومواصلة أفعالها العدائية ضد روسيا الاتحادية والصين انحرافاً خطيراً قد يؤدي إلى الصدام العسكري بين الفريقين في أي وقت.
إن الدول الغربية لم تفقد الأمل بعد بإمكانية هزيمة روسيا في الحرب الأوكرانية، وعلى ما يبدو أن انتهاء هذا الأمل مرهون برؤيتها لآخر أوكراني يفقد حياته فيها وكذلك الأمر تجد الولايات المتحدة في تايون فرصة سانحة لتقليم أظفار الصين ولذلك شكلت تحالف” أوكوس ” العسكري والأمني مع بريطانيا وأستراليا، وأعلنت بأن هدفه تطويق طموحات الصين وهذه التصرفات العدوانية وغيرها تدفع نحو التصعيد العالمي وتهديد البشرية بالفناء.
إن الإصرار الغربي على هذه السياسة التصعيدية بما لها من تأثيرات اقتصادية على جميع دول العالم يقتضي المزيد من التعاون الدولي لعزل هذه السياسة وتحميل الولايات المتحدة وحلفائها من تداعياته الخطيرة، لأن وقوع حرب عالمية ثالثة من شأنه إيقاع الإضرار الهائلة بالدول التي لا تملك إمكانات مواجهة آثارها الخطيرة.
وكذلك الأمر على الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التحرك بفعالية وتجاوز الضغوط الغربية لحماية العالم من العبث الأميركي الأوروبي بأمن العالم الذي بات في ظل التغول الغربي على هذه المنظمات أسير الصراع الدولي وعاجزاً عن اتخاذ أي قرار جراء التهديدات الأميركية لحكومات عديدة في حال تراجعت عن تأييدها لمشاريع قرارات واشنطن في الجمعية العامة للأمم المتحدة أو في مجلس الأمن.
إن الأشهر الستة القادمة ستكون حاسمة بالنسبة للوضع في ساحات الصراع بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة وروسيا الاتحادية والصين وحلفائهما من جهة أخرى، وما يعول عليه هو حرص موسكو وبكين على الاستقرار الدولي وتعاملهما بذكاء وهدوء مع الاستفزازات الأميركية.
السابق
التالي