الثورة- فؤاد مسعد:
تعدد مدارس رسم الأيقونة وتنوع أساليب المشاركين وسعي البعض إلى طرح ملامح تجديدية ضمن الأطر المتبعة في كتابة الأيقونة، شكّل السمة الأبرز في معرض الأيقونة الثالث الذي افتتحه المعاون البطريركي لبطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس المطران موسى الخوري يوم أمس في قاعات الصليب المقدس، والمعرض الذي يُقام تحت عنوان “الأيقونة نافذة إلى السماء” ضم قرابة “150” عملاً وبلغ عدد المشاركين فيه العشرين مشاركاً .
يُقسم المعرض إلى قسمين، الأول ضم أيقونات مرسومة على خشب أو قماش من فنانين ورسامين متخصصين في مجال رسم الأيقونات حسب أصولها وتقاليدها البيزنطية التي وضعتها الكنيسة عبر ألفي عام، وكل حسب موهبته ومدرسته التي تتلمذ عليها والتي تعتمد على رموز ودلالات روحية . أما القسم الثاني فضم أكثر من ثمانين صورة مطبوعة بالألوان لأيقونات ومخطوطات وأدوات كنسية أثرية تعود لعدة قرون ماضية موجودة في كنائس وأديار الأبرشيات الأنطاكية الأرثوذكسية، لتعطي الدلالة على إبداع واستمرار الفن الكنسي بألوانه وأنواعه التي قدمها الآباء السابقون .
ضمن هذا الإطار تحدث لصحيفة الثورة المهندس الرسام وكاتب الأيقونة سامر سمعان مشيراً إلى أن هذه التظاهرة التي قدمت تجربتين سابقتين في السنوات الماضية كان لها مدلولها وصداها، مما شجع على إقامة المعرض الثالث، يقول: “يجمع المعرض بين مجموعة من الفنانين المعاصرين الذين يستمرون بالعمل حاملين التراث والفن الكنسي الروحي التقليدي الذي يتطور ضمن أطر وضعتها الكنيسة من خلال خطوط وألوان وريشة كل فنان مُتقن ومُتدرب على عمل من هذا النوع”، مشيراً إلى أنه عمل خاص له أصول فنية متوارثة ويحمل رسالة، فالأيقونة ليست لوحة شخصية أو تزيينية وإنما مكانها في الكنائس وتُقتنى في البيوت للتبرك . ويشير إلى أنه كان المطلوب في المعرض الثالث للأيقونة استخدام بعض الإضافات كالطابع الشرقي والزخرفي من مناطقنا، وأحياناً بعض الإطارات والتعتيق لبعض الأيقونات واستخدام نفس المواد والتقنيات التقليدية لإعطاء غنى وتميزاً عن بقية المعارض كي لا تكون الأعمال تقليدية .
أما عن مشاركته في المعرض فيقول: “تتألف من أربعة أعمال خشبية مرسومة على قطع من الخشب الطبيعي ومتوسطة القياسات، تبدأ بأيقونة “السيد المسيح ضابط الكل” النصفية وأيقونة لوجه السيد المسيح على خشب معتق “ملبّس بورق الذهب” وأيقونة للسيدة مريم العذراء حاملة الطفل مرسومة على خشب معتق الأطراف وإطار خشبي “ملبّس بورق الذهب”، والأيقونة الرابعة “القيامة” مأخوذة من نمط كنيسة خورة من القسطنطينية، وهي مستطيلة عرضية، أضفت عليها إطاراً من الزخارف التي لها رموز نباتية وإطار خشبي محيط بها مما أعطاها قيمة فنية إضافية . وبضاف إلى ذلك أيقونة خامسة وهي عبارة عن قطعة قماشية كبيرة مرسوم عليها السيد المسيح الراعي الصالح أو “رئيس الكهنة” بالطول الكامل وهي جزء من جدارية اشتغل عليها لتكون ضمن كنيسة في صيدنايا”.
ويؤكد أن هذا الفن الأنطاكي الذي اعتمده هو مدرسة استطاع الوصول إليها بعد تاريخ أكثر من 30 عاماً من العمل في هذا المجال، وهو مزيج بين التأثر بالمدارس اليونانية وإضافة شرقيات الأيقونات الكنسية الأنطاكية التي كانت تٌستخدم في مدارسنا في حلب ودمشق وحمص ومناطق متنوعة أخرى، يقول: ” توصلت إلى مزيج يعتمد على النور وإظهار الألوان التي فيها هدوء وفرح في الوقت نفسه وفيها اهتمام بالتفاصيل، لأن التفاصيل الدقيقة تعطي غنى للأيقونة والتي تستطيع إظهار قوة التعبير وخاصة عند معالجة الوجوه ونعومية ظلال الألوان في استخدامها لتعبير الوجه والشعر والعيون والتفاصيل الأخرى”، وينهي كلامه بالإشارة إلى أنه سعى عبر أعماله إلى تقديم ما هو مؤثر ومساعد لإيصال الرسالة ولإحياء التراث الأنطاكي والاستمرار فيه .