بعد أن كثرت الشكاوى من التعرض لعمليات الغش والاحتيال…تطبيق الفوترة مرتهن باختلاف وجهات نظر الاقتصاد والمالية والأخيرة تكتفي بحملة توعية..
ثورة أون لاين- باسل معلا : مازال الحديث يتزايد يوما بعد يوم عن الفوترة وأهميتها بالنسبة للمواطن السوري سواء كان بائعا أم مستهلكا حيث أصبحت الدعايات التي تبين أهمية الفوترة والتي نفذ بعضها فنانين محبوبين تبث بشكل مستمر على محطات الإذاعة والتلفزيون يوميا وهو أمر تستحق الشكر عليه وزارة المالية ولكن بعد كل هذا الزخم نتساءل:
ما النتيجة؟
قصدت منذ أيام قليلة أحد المحال التي تبيع الأجهزة الكهربائية المستوردة في منطقة الجسر الأبيض بغية شراء أحد الأجهزة وفعلا بعد المعاينة أخترت الجهاز المطلوب ودفعت ثمنه لكن البائع لم يبرز لي الفاتورة التي استحق وعندما سألته عنها أجابني بابتسامة (ملغومة) أنه لاداعي لها متساءلا عن الهدف منها فأجبته من أجل الضمان في حال كان الجهاز معطوبا فأكد أن الضمان موجود لكن دون فاتورة وعندما تمسكت برأي في طلب الفاتورة كادت البيعة أن لا تتم ولم تتم فقبلت بعدم الحصول على الفاتورة (مضطرا) وأنا أشعر بالغبن الشديد وتساءلت بعدها :
أين الجهات الرقابية من هؤلاء؟
_ عام الفوترة ولكن!
سمعنا العام الماضي الكثير من التصريحات للمعنيين في وزارتي المالية و الاقتصاد بأن عام 2011 سيكون عام الفوترة بامتياز حيث بدأت بوادر فرض الفوترة حين ألغى وزير الاقتصاد المادة القانونية التي تنص على إعطاء التاجر مدة 24 ساعة لتقديم الفاتورة في حال تم طلبها بناء على شكوى، ليصبح تقديم الفاتورة فوريا حين طلبها من المراقبين، ليأتي هذا القرار كأول تنفيذ فعلي لقوانين و قرارات صادرة منذ عام 1960 عبر قانون التموين والتسعير رقم 123 المعدل بالمرسوم التشريعي رقم 158 لعام 1969,إضافةللقرار رقم 293 لعام 1964 والذي ألزم المستوردين وتجار الجملة ونصف الجملة بإعطاء نسخة من فواتير البيع إلى المشتري على أن تحمل تاريخ البيع واسم المحل وعنوانه واسم صاحبه ونوع البضاعة وكمياتها وسعرها مذيلة بتوقيع البائع، على أن يحتفظ كل تاجر أو بائع بفواتير الشراء وإبرازها إلى موظفي التموين عند الطلب.
وفي عام 1970 صدر أيضا القرار 90 الذي يحدد الفئات المتوجب عليها تنظيم فواتير بمبيعاتها على نسختين بوساطة الكربون نسخة للمشتري ويحتفظ بالثانية للرقابة التموينية عند الطلب، والفئات هي التي تنتج المواد المصنعة محلياً على اختلاف أنواعها ومسمياتها عند البيع إلى الوسطاء على اختلاف صفاتهم التجارية. وشمل ذلك الوسطاء المتعاملين بتجارة الجملة أو نصف جملة أو الموزعين أو وكلاء أو تجار بيع بالأمانة.
_ عقوبات وغرامات ولكن
وألزم القرار 840 لعام 1970 أصحاب الفنادق والمحال العامة من الدرجة الثانية ومافوق بتنظيم فواتير النفقات المترتبة على الزبائن مكتوبة بخط واضح وذات رقم متسلسل ومختومة من قبل المستثمر، الذي يجب عليه الاحتفاظ بنسخة عنها وتعطى النسخة الأصلية للزبائن وهي تتضمن أسعار المواد والخدمات المقدّمة بشكل إفرادي.
و حدد التعميم رقم 9 الصادر عن وزارة التموين والتجارة في عام 1979 مدة الاحتفاظ بأرومات الفواتير بسنة واحدة تبدأ من تاريخ آخر فاتورة في دفتر الفواتير مع ضرورة الاحتفاظ بها في المحل نفسه.
وكذلك القانون رقم 22 لعام 2000 على فرض عقوبة بالغرامة من عشرة آلاف ليرة سورية وحتى 30 ألف ليرة كل من امتنع عن إعطاء فاتورة نظامية أو من أعطى فاتورة غير نظامية بالمواد المباعة سواء كان مستوردا أو منتجا أو تاجر جملة أو تاجر نصف جملة.
_ واجبات المستهلك
تجدر الإشارة إلى أن ميثاق الأمم المتحدة والذي استند إليه قانون حماية المستهلك السوري اعتبر طلب الفاتورة من «واجبات المستهلك» ولم يذكرها في إطار حقوق المستهلك، وهو مايعتبره الدكتور عبداللطيف بارودي أحد معدي قانون حماية المستهلك بأن طلب فاتورة يصبح واجبا على المستهلك لحمايته وحماية الأسواق وحماية حقوق الدولة في الضريبة.
كما نص الميثاق على واجب آخر مرتبط بواجب الحصول على الفاتورة يتمثل بأن لا يتردد أي مستهلك بالإبلاغ عن أي سلعة مغشوشة أو مقلّدة أو غير مطابقة للمواصفات القياسية إلى الجهة المختصة.
_ هموم وشجون
إن الحديث عن الفوترة في سورية له هموم وشجون خاصة أم المسألة عالقة وكما ذكرنا منذ أكثر من ربع قرن كما أن أخر ما قامت به الجهات المعنية من إجراءات يتمثل بالمهلة التي أنذرت من خلالها وزارة الاقتصاد جميع الفعاليات التجارية والصناعية والزراعية والحرفية بوضع السعر النهائي للمستهلك من قبل المنتج أو المستورد أو الحرفي على بطاقة البيان أو الغلاف أو العبوة بشكل واضح للعيان وصريح وغير قابل للإزالة أو الشطب، وذلك للسلع والمواد المحددة السعر أو المحرّرة من نسب الأرباح والمطروحة في الأسواق المحلية.
وبالنسبةللسلع التي تباع بالتجزئة يتم الإعلان عن سعرها بطريقة مناسبة وواضحة للمستهلك، ويتوجب على باعة المفرق الالتزام بذلك وعدم حيازة أي سلعة (منتجة محلياً أو مستوردة) لم يحدّد عليها السعر النهائي للمستهلك.
كما طلب من جميع المتعاملين بالمواد والسلع المحررة أو المحددة أسعارها من منتجين ومستوردين وتجار جملة ونصف جملة وموزعين تداول الفواتير النظامية مع ذكر الصفة التجارية وتطابق السعر النهائي للمستهلك المدون على بطاقة البيان أو المنفصل عنها، وفي حال تخفيض سعر السلعة يتم شطب السعر السابق بخط مائل ويوضع السعر الجديد بشكل واضح.
_ حاجة ملحة
ومع انتهاء كل الفرص والمدد الطويلة التي أعطتها وزارة الاقتصاد معترفة بأنالقوانين المعمول بها منذ الستينيات لم تعد بقادرة على ضبط عملية الفوترة في سورية خاصة مع الممانعة الشديدة من مختلف شرائح التجار والباعة حيث ثمة معلوماتبأن غرفة تجارة دمشق تعتبر من أشد الممانعين لتطبيق نظام الفورة حيث وجد السيد رئيس الغرف أنه من غير المعقول أن الزبون كلما قام بشراء سلعة ما أو قدمت له خدمة، يحصل مقابل ذلك على فاتورة فهذا يعتبر أمرا غير منطقي، ونوهبضرورة ألا يحرض السوق على أمر نحن بغنى عنه، فلذلك يجب أن يطالب التجار بشيء يستطيعونتطبيقه .
وبالتالي فإن الحاجة باتت ملحة لتشريع جديد خاصة أنه وكما ذكرنا فإن القوانين المعمول بها منذ الستينيات لم تعد قادرة على ضبط المسألة وهذا ما تم فعلا حيث ثمة تعاون مشترك مابين وزارتي المالية والاقتصاد لوضع تشريع جديد في هذا الخصوص وثمة معلومات من قبل المعنيين بالوزارتين مفادها أن قانون الفوترة هو من اختصاص وزارة الماليةلكن وزارة الاقتصاد تعمل على تحضير البنية الضرورية لصدوره وتنفيذهورغم تكتم وزارتي المالية والاقتصاد على مشروع القانون إلاَ أن مايتحدثون عنه يتمثلبفرض العقوبات المشددة.
_ تنسيق مستمر
وللإطلاع على جديد هذا الموضوع توجهنا لمديرية حماية المستهلك حيث أكدت مصادر أن التنسيق مع هيئة الضرائب بوزارة المالية على قدم وساق وأيضا الاجتماعات وقد تم مؤخرا اتخاذ مجموعة من الإجراءات لضمان تطبيق الفوترة حيث باتت تعتبر الفاتورة كسلعة للمستهلك مع التشديد على هذا الأمر وأيضا سترتبط الفاتورة بعد عوامل أهمها حجم السلعة والتداول وحلقات الوساطة ونتوجه للمستهلك ونطالبه بممارسة حقه وواجبه بالحصول على الفاتورة وأيضا تقديم الشكاوى في حال رفض أحدهم تزويده بالفاتورة أو في حال تعرض للغبن من قبل أحد الباعة.
_ الشكاوى بدأت بالورود
كما أن الشكاوى قد بدأت بالورود على المديرية خاصة بعد ما قامت به من إجراءات مثل توزيع قانون حماية المستهلك على العديد من الجهات وجمعيات حماية المستهلك وأيضا متابعة الشكاوى عبر موقع الوزارة الالكتروني الذي بات يحوي قسم خاص لحماية المستهلك والذي يتضمن أهم القوانين في هذا المجال وأيضا آلية لمتابعة الشكاوي التي ترد بهذا الخصوص.
ومازال المعنيين بمديرية حماية المستهلك يزعمون أنهم يدعون للتشاركية مع جمعيات حماية المستهلك التي باتت منتشرة في معظم المدن والمحافظات السورية على اعتبار أنها أصبحت تمارس دورها بالتوعية والرقابة على الأسواق .
_ صعوبات بتطبيق الفوترة
لم يستبعد المعنيين بوزارة الاقتصاد وجود صعوبات في فرض الفوترة على بعض أنواع المشتريات مثل بعض تجارة المفرق كالخضراوات والمهن المتنقلة مثل السنكري وصولاً إلى التعامل مع الفلاح والحلاق والحرف اليدوية ومغاسل السيارات، إلا أنهم أعلنوا إصرارهم وعلى رأسهم معاون الوزير المعني على تطبيق الفوترة في ظل الظروف الحالية مؤكدا أن البداية ستكون صعبة لكنها في النهاية ستصبح ثقافة عامة.
وأشار إلى أن تنفيذ آلية تداول الفواتير حجر أساس في الضريبة على القيمة المضافة حيث تعمل وزارة الاقتصاد والتجارة على تطبيق تلك الآلية لما لها من أهمية وخاصة بالنسبة للمواطن فالفوترة عامل أساس في الإفصاح عن هوية البضاعة منوها أنه وبعد الاتفاق مع وزارة المالية صدر قراراً يحدد كيفية تداول الفواتير وحددت فيه نوعية الفواتير ومضامينها وأرقامها وأوجبت على جميع الحلقات التي تتعامل بهذه المواد أن يكون لديها فاتورة والعقوبة شديدة في حال مخالفة ذلك لكن من جهة أخرى اعتبر أن بعض السلع والخدمات لا يمكن طلب الفاتورة عند الحصول عليها.
_ لجان ولجان
وحول دور وزارة الاقتصاد والتجارة في التحضير لإطلاق الضريبة على القيمة المضافة بين أن وزارة الاقتصاد بانتظار ما تقرره وزارة المالية وهناك ممثل من وزارة الاقتصاد والتجارة في عضوية اللجنة التي شكلت لدراسة موضوع الفوترة من وزارة المالية ونحن بانتظار ما يقر عن تلك اللجان، حتى نستطيع القول كيف ستطبق وزارة الاقتصاد نظام الفوترة.
وأشار إلى أن تطبيق نظام الفوترة يعتبر شكلاً حضارياً يتناسب مع التطورات الاقتصادية الجديدة التي تشهدها سورية.
_ القانون جاهز
ومن جاب أخر ثمة معلومات عن الهيئة العامة للضرائب والرسوم أنه اللجنة المعنية على وشك الانتهاء من قانون الإجراءات الضريبية الموحد الذي يشكل كل أنواع الضرائب والرسوم مع وجود جزاءات ضمن فصوله ومواده إضافة لفصول خاصة بالفوترة .
وبينت مصادرأن رئيس مجلس الوزراء قد وجه وزارة المالية والهيئة العامة للضرائب والرسوم بوضع خطة لتفعيل الفوترة في سورية بعد التوصل إلى نتيجة بأن لا حاجة لوجود نص تشريعي جديد بخصوص الفوترة لأن ما يوجد من نصوص نافذة يكفي لتفعيل هذا النظام من خلال خطة تتضمن الجهات المعنية في وزارة الاقتصاد والمالية والمديرية العامة للجمارك ووزارة السياحة وجمعية حماية المستهلك بالإضافة لغرف الصناعة والتجارة وبمجرد اعتماد الخطة التي ستصفها هذه الجهات من قبل الحكومة ستكون ملزمة لكل الفعاليات بمسك الفواتير.
_ تقدير الحكومة
وتوقع المصدر أن التصور الكامل عن آلية تداول الفاتورة قد أصبح جاهزا إلا أنه وكما أكد مدير عام الهيئة منذ فترة أنه ومع توفر كل مستلزمات هذا القانون يبقى موضوع تطبيقه مرتبط بتقدير الحكومة واستبعد أن يكون تطبيقه مع بداية العام الماضي.منوها إنه لا ضريبة على القيمة المضافة من دون فاتورة لأن الضريبة تحصل من الفاتورة وترد إلى الفاتورة ومن مزايا هذه الضريبة إلى جانب كونها إيراداً كبيراً للخزينة العامة فهي تكشف المطارح الضريبية كاملة ويمكن اعتبارها سلاحاً تستخدمه الدول لمكافحة التهرب الضريبي.
_ سلسلة مترابطة
أما رئيس جمعية حماية المستهلك فتحدث قائلا :
إن تطبيق نظام الفوترة مسألة معقدة لأنها سلسلة عامة مترابطة ولكي تنجح لابد من خلق الثقة بين معطي الفاتورة وآخذها، والخوف السائد حالياً هو أن تكون الفاتورةمستمسكاً على التاجر أو المنتج لتحصيل الضرائب والتكليف المالي بموجبها، وللخروج من هذا المأزق لابد أن تحصّل المالية ضرائبها ورسومها بطرق أخرى.
وأضاف: نحن في الجمعية نعتبر نظام الفوترة أحد أهم محاور حماية المستهلك، فمن غير المعقول أن تستمر الحالة المزاجية الراهنة في هذا الموضوع سواء في الأسعار أو الخدمات، فالمستشفى يأخذ مبلغاً كبيراً دون إعطاء فاتورة وكذلك المطعم والمتجر رغم أن الفاتورة حق من حقوق المواطن وهذا أمر مفروغ منه في كل الدول المتحضّرة.
_أخيرا
نلاحظ بعد هذا العرض بأن المشكلة مازالت تراوح مكانها خاصة أنه ثمة خلل واضح في وجهات نظر وزارتي المالية والاقتصاد حيث ترى المالية بأن تطبيق الفورة ليس بحاجة لقانون جديد على اعتبار أن القوانين القديمة بالمكفى في حين ترى وزارة الاقتصاد ترى صعوبة تطبيق الفوترة في ظل غياب تشريع جديد…
الحقيقة إن إجراءات الجهات المعنية لم نلحظ منها سوى الحملة الإعلانية التي قامت وماتزال وزارة الماليةعبر وسائل الإعلام طوال هذا العام والحقيقة أنه نحجت في تحريك المياه الراكدة فقط من ناحية إطلاع المستهلك بضرورة الحصول على الفاتورة من خلال أنها تحفظ حقه وتحميه من بعض محاولات النصب والاحتيال التي يتعرض لها البعض إلا أن المسألة بحاجة لأكثر من هذا خاصة أن المواطن بات على قناعة بأن كل ما تتحدث عنه الجهات المعنية في هذا الأمر لا يتعدى إطار الشائعات التي لا أساس لها من الصحة بل على العكس فثمة من يعتقد أن هذه الجهات تتعاون مع التجار والباعة وأصحاب الفعاليات من منطبق التوجه نحو اقتصاد السوق المفتوح وهنا لا يسعنا إلا أن نتساءل عن الذي ستحمله الأيام القادمة…..