ريم صالح:
هو كيان الأباراتيد الإسرائيلي، لم يبق في جعبته مكر، أو خبث، أو دهاء، أو حتى إجرام وإرهاب ممنهج، إلا وأقدم عليه بحق أهلنا الصامدين في الجولان السوري المحتل، ولم يترك مخططاً استيطانياً يحقق أطماعه، ويلبي غريزة مستوطنيه اللصوصية، إلا وسارع بتنفيذه، دون أن يكترث لحرمة أماكن مقدسة، سواء كانت مساجد أو كنائس، أو يبالي بحرمة مقابر، أو يعير انتباهاً لأصوات الأهالي المنددة بممارساته الإرهابية الاحتلالية، والمطالبة بانسحابه من أراضيهم، وبكف يده الآثمة عن ممتلكاتهم.
كيان العدو الإسرائيلي استولى على أراضي الجولانيين، وسرق ثرواتها، وتعددت ذرائعه في سبيل ذلك، ولم يكتف بنهب الأرض وتهويدها، وإنما وصلت به دونيته الأخلاقية والإنسانية إلى تسخير الرياح، والاستثمار بها، في سبيل تحقيق غاياته الشيطانية الاستيطانية.
صحيح أن العنوان العريض كان إقامة توربينات هوائية عملاقة، والزعم أن غايتها الوحيدة هي توليد الكهرباء عبر موارد الطاقة النظيفة، ولكن الشيطان لطالما كان دائماً وأبداً يكمن في التفاصيل، والحيثيات، وما وراء العناوين في الكواليس، والدهاليز المظلمة.
ويبقى اللافت هنا.. أن هناك إجماعا شبه تام على أن مشروع التوربينات الهوائية، يعد واحداً من أخطر المخططات التهويدية الاستعمارية، التي تستهدف الجولان السوري المحتل، باعتبار أنه يشرعن تهجير الجولانيين عبر الاستيلاء على نحو ستة آلاف دونم من أراضيهم الزراعية الغنية ببساتين الكرز والتفاح، وبالتالي حرمانهم من خيراتها، والتي هي مصدر رزق أساسي للأهالي هناك.
كما أن هذا المشروع يشير بشكل أو بآخر إلى أن هناك تمدداً للاستيطان الإسرائيلي يلوح في الأفق القريب وهذا التمدد بدوره يمهد للاستيلاء على مصادر الطاقة الجديدة، إضافة إلى ذلك، فإن هذا المشروع من شأنه أن يقضي على عدد كبير من الأراضي الزراعية التي سيتحول استثمارها لبناء المراوح، فضلاً عن أن حاجة المشروع إلى الطرقات الواسعة، يفرض بدوره شق طرقات جديدة، أو توسيع طرقات قديمة، ما يعني نهب المزيد من الأراضي الجولانية، وتهويدها، والاستيلاء عليها، بحجة المشروع.
كذلك فإن فترة العمل في بناء هذه التوربينات التي ستمتد لسنوات، ستفرض تنقل آليات ضخمة من الأراضي المزمع سرقتها وإليها، وستسبب حركة هذه الآليات ضرراً كبيراً للحقول الزراعية المجاورة، نظراً إلى ضخامتها وضخامة المعدات التي سيتم نقلها، واستعمالها في البناء.
والأضرار هنا لن تتوقف عند الجولانيين فحسب، حتى وإن أخذنا بالاعتبار مضار الترددات المغناطيسية للتوربينات، وإنما ستتعدى ذلك بكثير، فحسب ما ذكره ناشطون بيئيون فإن لعمل المراوح أضراراً كارثية تتعلق بقتل الطيور، خاصة الطيور المهاجرة، والخفافيش التي تسهم في تلقيح الأشجار المثمرة، وتنظيف الأراضي الزراعية من الحشرات الضارة، فمثلاً، في الولايات المتحدة يموت سنوياً ما بين 10 آلاف إلى 400 ألف طير نتيجة اصطدامهم بالتوربينات الهوائية.
الأمر ذاته أكدته منظمات لحماية الطبيعة عندما أوضحت من ناحيتها أن إنشاء مستوطنات جديدة، وما يحيط بها من توربينات هوائية من شأنه أن يدمر المساحات المفتوحة، ويستنزف موارد المنطقة المليئة بالمحميات الطبيعية، والحياة البرية.
أما على المستوى العمراني، فإن المشروع يحاصر القرى المحيطة به، ويمنعها من التمدد السكاني، فقرية مجدل شمس مثلاً محاصرة من الشمال، والشرق، والغرب، بحقول الألغام، ومراكز لجيش الاحتلال الإسرائيلي، ليأتي هذا المشروع في نهاية المطاف ويحاصرها من جهة الجنوب أيضاً.
السابق
التالي