عبد الحليم سعود:
يسعى الكيان الصهيوني الطارئ على هذه المنطقة أن يتلاعب بالحقائق التاريخية والجغرافية المتعلقة بها، ظناً منه أن مرور الأيام على إجراءاته وانتهاكاته غير القانونية قد ينسي أبناء المنطقة تاريخه الاحتلالي القذر ويجعله في منأى عن الحساب ودفع تكلفة احتلاله وإجرامه وممارساته العدوانية بحق شعوب هذه الأرض.
ولأنه يدرك تمام الإدراك أن احتلاله للجولان العربي السوري باطل ولن يدوم لأن أبناء الجولان الذين يحملون جذوة المقاومة في عقولهم وقلوبهم – ومن خلفهم شعبهم في الوطن الأم سورية – لن يقبلوا يوما باحتلاله البغيض ولن يرضخوا أبداً لمخططاته الاستعمارية والاستيطانية التي ترسخ وجوده الغريب في هذه الجغرافيا، مهما تفنن في اختراع الأساليب ومهما تمادى في غيه وعدوانه واستهتاره بالشرعية والقانون الدوليين، لأن الجولان المحتل يبقى سورياً، مثله مثل باقي المحافظات والمناطق والبلدات السورية، فهو أرض الآباء والأجداد، ولن يكون الأحفاد إلا امتداد لهذا التاريخ الطويل والعريق في مقاومة المحتلين وطرد الغزاة.
رفض الجولانيين المستمر لقرارات الكنيست الإسرائيلي بإقامة توربينات أو مراوح هوائية لتوليد الكهرباء على آلاف من الدونمات الزراعية من أراضيهم، هو فعل مقاومة وليس مجرد كلمات، وهو يؤكد، ثباتهم ورسوخ إرادتهم في النضال حتى إفشال كل مخططات العدو وإجباره على التراجع عنها.
إن سعي وزارة الحرب الإسرائيلية لإقامة هذه التوربينات الضخمة التي تصادر مساحات واسعة من أراضي الجولان يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي ينبغي أن تعلن الأمم المتحدة عن رفضه، إذ لا يحق لأي جهة محتلة أن تغير أو تبدل شيئاً إلا بموافقة الأهالي دون ضغط أو إكراه، وما دام الجولانيون يعرفون مخاطر وأضرار إقامة مثل هذه التوربينات والغاية من إقامتها فلن يعطوا الموافقة عليها ولن يتسامحوا إزاء إقامتها، وهم مستمرون باحتجاجاتهم ومطالباتهم بوقف هذا المشروع ذي الطبيعة الاستيطانية الذي يحاول تخديم المستوطنين في الجولان المحتل.
فقد وقع كيان الاحتلال اتفاقاً مع شركة «أنيرجكس» يسمح ببناء نحو 46 توربيناً كبيراً لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح شمال مرتفعات الجولان المحتل منها 23 في محيط «بلدات، مجدل شمس ومسعدة وبقعاتا وصولاً إلى سحيتا» على أن يبدأ العمل في إنجازها خلال الشهر الحالي، وقد سبق له تنفيذ ما يسمى مشروع «عشتار» الذي تضمن إقامة نحو 38 توربيناً كبيراً في المنطقة الممتدة من تل الخوين إلى تل العرام.
ومما لا شك فيه أن مخطط إقامة التوربينات الهوائية يعد واحداً من أخطر المخططات الاستعمارية التهويدية التي تستهدف الجولان السوري المحتل وأهله الصامدين، لأن غايته الاستيلاء على نحو ستة آلاف دونم من أراضيهم الزراعية الغنية ببساتين الكرز والتفاح وترحيلهم منها إذا استطاع إلى ذلك سبيلا، وقد مر مشروعه بثلاث مراحل: الأولى استولى فيها على مساحات من أراضي القرى المهجرة «عيون الحجل والمنصورة والثلجيات» وأقام 42 توربيناً عليها بارتفاع 120 متراً، فيما تستهدف المرحلة الثانية أراضي قرى مجدل شمس ومسعدة وعين قنية وبقعاثا والثالثة منطقة تل الفرس.
ورغم استيلاء الاحتلال على أراضي تلك القرى إلا أن أبناءها مازالوا يحتفظون بمفاتيح منازلهم وكل الأوراق التي تثبت ملكيتهم لها مؤكدين على حقهم بالعودة إلى مسقط الرأس والأرض التي هجروا منها، ولن تنفع كل محاولات الاحتلال في النيل من عزيمتهم وتمسكهم بأرضهم وهويتهم العربية السورية منذ قيام الكيان باحتلال الجولان عام 1967.
التالي