لميس عودة:
ليست عربدة عدوانية سافرة وإرهاب منظم فحسب، ما يقوم به العدو الإسرائيلي من ممارسات إجرامية بحق أبناء الجولان العربي السوري المحتل، بل انتهاكات وتعديات صارخة وتطاول موصوف على الشرعية الأممية وقوانينها وقراراتها، يسعى من خلالها لتثبيت واقع احتلالي على أرض الجولان العربي السوري المحتل بإنشاء توربينات هوائية على أراضي الجولان مستغلا الظروف الدولية وتماهي الإدارة الأميركية مع مخططاته وتلاشي فعالية القرارات الأممية الملزمة التي تؤكد أن الجولان سوري الهوية وأرض محتلة، وإن أي إجراءات إسرائيلية حتى لو نفذت بقوة البطش والحديد والنار هي باطلة لا أثر قانونيا لها.
أن يوغل كيان الاحتلال في جرائمه ويوسع دائرة تعدياته الوحشية بحق أهلنا بالجولان وأراضيهم وممتلكاتهم أمر عهدناه في كيان غاصب مارق على الجغرافيا والتاريخ وتم زرعه كبؤرة إرهابية في جسد المنطقة من قبل قوى الشر العالمي، لكن أن تكتفي الأمم المتحدة ومنظماتها المعنية فقط بإصدار قرارات تعتبر الإجراءات الإجرامية المرتكبة لاغية وباطلة من دون أن تأخذ طريقها للتطبيق العملي والتنفيذ الفعلي فهذا تخاذل وتواطؤ مفضوح يترك للاحتلال الإسرائيلي الحبل ممدودا على غارب إرهابه ودوسه بكل استخفاف على القوانين الدولية من دون محاسبة أو مساءلة أو تجريم.
كل انتهاكات كيان الإرهاب الإسرائيلي وجرائمه بحق الجولان السوري المحتل أرضا وتاريخاً وجذوراً راسخة وانتماء وطنياً أصيلا لأبنائه، جرت وتجري على مرأى المجتمع الدولي ومنظماته المعنية التي تكتفي فقط باستصدار قرارات لا صيغة إلزامية لها تكبح جماح الشر الصهيوني، ولا إجراءات فعلية ملموسة تردع المحتل الغاصب وتلزمه بإنهاء احتلاله لأرض هي بكل قوانين الشرعية الدولية أرض سورية محتلة وأهلها يعانون من إجرام احتلال غاشم.
قرارات عديدة منذ احتلال الجولان صدرت عن هيئة الأمم المتحدة، إذ طالبت الجمعية العامة من” إسرائيل” السلطة القائمة بالاحتلال، أن تمتثل للقرارات المتعلقة بالجولان السوري المحتل، ولاسيّما قرار مجلس الأمن 497 (1981) الذي قرر فيه المجلس أن قرار “إسرائيل” بفرض قوانينها وولايتها القضائية وإدارتها على الجولان السوري المحتل لاغٍ وباطل وليس له أثر قانوني دولي، إضافة إلى قراراتها ذات الصلة ومنها القرار 51 / 135 المؤرخ 13 كانون الأول 1996 والذي أكدت بموجبه أن الاستيلاء على الأراضي بالقوة غير جائز بموجب القانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة.
كل هذه القرارات بقيت حبيسة أدراجها، فلم تعد حقا استبيح ويستباح جهارا، ولم تنه احتلالاً ولا حتى لجمت التعديات ونهب الأراضي ومصادرة ممتلكات الجولانيين، ناهيك عن البطش والتنكيل والاعتقالات التعسفية والترهيب كطقوس عدوانية يمتهن الصهاينة تأديتها منذ 5 عقود ونيف على امتداد جغرافيا الجولان السوري المحتل، والمجتمع الدولي مكبل بقيود الخنوع الصاغر لقوى الإرهاب العالمي ويدفن رأس مؤسساته المعنية في رمال الإذعان للمشيئة الأميركية نصيرة الكيان الغاشم وصاحبة اليد الطولى في عذابات العالم ومآسيه.
يستطيل هذا الكيان الغاصب بأوهامه معتقدا أنه بقوة النار والحديد وممارسة طقوس البلطجة الاحتلالية سيتمكن من لي ذراع مقاومة الجولانيين التي لم تلن يوما ولم تخفت شعلة نضالهم وتجذرهم بأراضيهم ، إذ ينتفض الجولانيون اليوم في وجه الغاصب المحتل وفي وجه مخططات إقامة المراوح الهوائية على أراضيهم الزراعية معلنين على الملأ أن المؤامرات على عروبة الجولان وسورية انتمائه، لن يكتب لها النجاح عبر مقاومتهم الأبية واستبسالهم بالذود عن وحدة أراضيهم وتمسكهم بالحقوق المشروعة التي يكفلها القانون الدولي، وتؤكدها كل المواثيق الأممية، وينفذ أهلنا بالجولان المحتل منذ عام 2019 إضرابات عامة وشاملة، للتصدي لمخطط التوربينات التوسعي الذي يهدد بالاستيلاء على أكثر من 6 آلاف دونم من أراضيهم الزراعية الغنية ببساتين الكرز والتفاح، التي رووها خلال عقود طويلة بعرقهم وقدموا أقدس التضحيات دفاعا عنها.
ويعد مخطط التوربينات من أخطر المخططات التي تستهدف الجولان، حيث يحاول الاحتلال تمريره بذريعة توليد الكهرباء من طاقة الرياح وهدفه الحقيقي الاستيلاء على أكثر من 6 آلاف دونم عبر إقامة 46 توربيناً على ثلاث مراحل، نفذ منها المرحلتين الأولى والثانية على مساحة تقدر بأكثر من ألفي دونم من أراضي القرى المهجرة (عيون الحجل والمنصورة والثلجيات ومنطقة تل الفرس)، في انتهاك لقرارات الأمم المتحدة.
وقد أجبر رفض أهلنا للمخطط العدواني ووقفاتهم الاحتجاجية وإضراباتهم الاحتلال على وقف تنفيذ المرحلة الثالثة التي تستهدف نحو 4 آلاف دونم من أراضيهم الزراعية في قرى مجدل شمس ومسعدة وعين قنية وبقعاتا.
المجتمع الدولي مطالب اليوم باتخاذ إجراءات صارمة ونافذة وخطوات عملية ملموسة توقف الانتهاكات وتنهي الاحتلال وتؤمن الحماية لأهلنا الذين يرزحون تحت مقصلة الإرهاب الإسرائيلي في الجولان العربي السوري المحتل.