ما بين المأساة والملهاة، كانت تسير الحياة، إلا أنها لدينا منذ فترة استقرت المآسي من دون أن يفتح المسرح أبوابه، في كل منزل تراجيديا تصاغ بشكل مفاجئ، ولم نعد نحتاج للذهاب إلى المسارح…
كأن التراجيديا لحن طويل، علق بنا من كل صوب، وفي كل حين، بينما الملهاة صوتها مكتوم، وأفقها مسدود، وتستمر الحياة بأوقات مكشوفة تصورنا بأقسى غرائبها، نوقع على المتناقضات في العراء بلغة غريبة كأننا في مشاهد سيريالية.
ورغم كل هذا العراء الممتد، والوداع المقيت تبدو حياتنا حين نقترب من الجموع سطحية وغير متقنة ومتكلفة وخالية من التعابير، نتلطى خلف ذات ورؤى قوامها تركيبات أنانية، جميعها تصلح لمصطلحات ومخطوطات مسرحية، ولكننا ينقصنا شكسبير، وبريخت وألبير كامو، وسارتر…
ونحتاجهم كلهم يحولون قباحة النصوص وركاكتها إلى متقنة، على شاكلة زمن مغاير، على وقع زمن كلما قرأنا أو سمعنا عنه، ندرك التركيبات التي تفوتنا حتى نعيش ضمن كل هذا التكلف والرمادية، كأننا في طائرة معلقة لا نرمى، ولا نستمر في طيراننا فننجو!، أحياناً لا يهمنا انتظار كاتب مسرحي، يستلهم حكايانا، لأننا بدأنا منذ زمن في حياكتها على مقاسنا، نتوه في الحكاية ومعها لندرك أنها ذات لبوس عبثي تصلح لألبير كامو، لسارتر، وربما رفيقته سيمون دوبوفوار، تستطيع أن تستلهم أعمق الفلسفات، كلها ستأتي في صياغة غريبة تحكي عن شعب يعاند، يصارع كل شيء، ويصر على الاستمرار، رغم أن أوقاته المسرحية منسية، ومسارحه شبه مغلفة…، وسينماه على قافية الوجع…، وشعره موءود إلى حين اندحار الألم، وكل الأوقات حتى تلك الاحتفالات العالمية، يعيد صياغتها، ليحيكها على خشبة كبيرة مقاسها لانهائي، وعمقها يصل إلى تلك الأرض التي زلزلت حديثاً، وارتفاعها يكاد يطال تلك الطائرة التي لا تهدأ ولا تستقر على حال، بل لازالت تعارك الهواء، في معركة مستمرة!