صحيح أن كل الطرق “المعبدة بالقرارات الصائبة ـ والنية الصادقة ـ والحراك الجدي ـ والدعم الكامل” تؤدي للاستثمار الكبير، لكن أقصر هذه الطرق وأسرعها وأهمها تمر عبر بوابة الاستثمار الأصغر، الحامل الأهم للاقتصاد الوطني، المرن، الأقل كلفة، الأسهل تمويلا، الأكثر تنوعاً، وتوزعاً جغرافياً، وتشغيلًا لليد العاملة الوطنية، وقدرة على تحمل الضغوطات ومواجهة الحصار.
هذا هو بيت قصيدنا “الصناعي – الزراعي” ومقصدنا “الاقتصادي” .. ومفتاح نجاح مشروعاتنا الذهبي .. ووصفة إنتاجنا السحرية .. وخيارنا الفعال .. وطوق نجاتنا وخلاصنا من كل تداعيات الحرب الكارثية، وآثار زلزال “6 شباط” المدمرة.. طبعاً ـ كل هذا بعد نفض غيار المشكلات والسلبيات والتحديات التي تواجهنا وحل عقدها والتخلص منها إلى غير رجعة.
نعم، هذه هي رؤية سورية للمشاريع الصغيرة كما أكدت السيدة الأولى أسماء الأسد خلال استقبالها الدكتورة رولا دشتي الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “اسكوا”، لكون هذه المشاريع الصغيرة هي إحدى روافع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وخياراً فعالاً لمواجهة تداعيات الحرب وما أعقبتها من تحديات قاسية فرضتها كارثة الزلزال الذي أصاب الوطن، مشيرة الوطنية، إلى أن هذه الرؤية انعكست من خلال قرار الدولة الاستراتيجي بإعادة تموضع هذه المشاريع وجعلها جزءاً أساسياً ومحورياً من السياسة الاقتصادية الوطنية بشكل مستمر ومتكامل على أكثر من صعيد لتحفيز هذا النوع من الاقتصاد عبر ضمان البيئة المناسبة لعمله وتطويره تشريعياً وقانونياً ومؤسساتياً، وخاصة أن هذه المشاريع تتأثر بعوامل عدة متنوعة ومتداخلة، ومنها التغيرات المناخية والجفاف واختلال المياه الجوفية وخاصة بعد الزلزال.
صحيح اسمها مشاريع صغيرة لكن ثمار نتائجها التنموية المستدامة “اقتصادياً واجتماعياً” وثقلها وانتشارها الأفقي على امتداد المساحة الجغرافية الوطنية، ووقعها الإيجابي على حركة التصدير والسلبي على الاستيراد، سيكون لها عظيم الدور وبالغ الأثر في إحداث لا طفرة عابرة بل نقلة نوعية – كبيرة وغير مسبوقة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي .. نقلة تثبت الحكومة من خلالها أن المشاريع الصغيرة كانت ومازالت الأكثر قدرة وكفاءة في معالجة المشكلات الرئيسية التي تواجه اقتصادنا بدرجة أكبر وأسرع من الصناعات الكبيرة، وأنها المركب التي ستنقل اقتصادنا من ضفة تداعيات وتحديات الحرب والحصار والزلزال، إلى ضفة التعافي المبكر وإعادة البناء والإعمار .. عندها نستطيع أن نحول المحن إلى منح .. والقطاع الثانوي إلى رئيسي – استراتيجي .. والصعوبات والمنغصات والمعوقات إلى قصص نجاح.
كل ذلك من خلال مضاعفة سرعة دوران عجلة الإنتاج “الصناعي – الزراعي” وزيادة ناتجنا القومي، وتسجيل قفزة حقيقية على مؤشر نمونا الاقتصادي الذي أصبح في يومنا هذا أكثر إلحاحاً وأكثر ضرورة.