غصون سليمان:
كثيرة هي النصائح والإرشادات التي يقدمها ويشير إليها خبراء الدعم النفسي باختصاصاتهم المختلفة، والتي عملوا ويعملون عليها في مراكز الإيواء والتدريب وفي المدارس والمؤسسات وغيرها، ولكن يبقى السؤال كيف نعزز مستويات الصلابة النفسية والثبات الانفعالي عند من تضرر بالدرجة الأولى من الزلزال مروراً بالمحيطين من أبناء المجتمع.
بداية تتجسد أعراض الصدمة بالحالة الجسدية بفقدان النطق، ونفسياً نلحظها بالهلع والخوف..الخوف من أشياء تثير رهاب الآخر بسبب الذكريات المؤلمة التي تتوارد إلى الذاكرة، كتزامن حدوث حريق ما أو وقوع حادث سيارة أو مرور شاحنة بلون معين مع وقوع كارثة الزلزال، فأصبحت هذه الأشياء مرتبطة بحدوث الزلزال مايثير الخوف والرعب، وهذا مايسمى بمدارس علم النفس الربط بين المثير والاستبيان، وهو خوف غير مبرر، فلون الشاحنة ودخان الحريق ولون الدم في حادث المرور لايثير الخوف عند الأشخاص الطبيعيين بشكل معمق، لكن عند الأشخاص الذين عايشوا الصدمة بتواجد طيف هذه الأشياء تأخذ بعدها النفسي.. فأصبح هناك ربط سايكولوجي أو نفسي أو انفعالي داخل هؤلاء يمكن أن تصل إلى مستوى اللاوعي بطريقة حلزونية، بحيث تبدأ معهم خيوط المعالجة بطرح الأسئلة مثل أين كنت ساعة الحادثة، من كان معك، وهكذا حتى يصل الاختصاصيّون عبر الأشياء البسيطة إلى المطلوب فهمه ومعالجته.
وحسب رأي الدكتور حسام الشحادة المختص بالدعم النفسي في فترات الكوارث الطبيعية المصطنعة فإن الأشياء البسيطة بالدعم النفسي يمكن أن يقوم بها أي شخص ويمارسها إذا كان الشخص يعاني من خوف أو قلق أو رهاب بالشق النفسي، أما أعراض السلوكي فيتمثل بحصول التبول اللاإرادي، إلى جانب اضطرابات النطق وارتفاع ضغط الدم التنفسي السريع.
بينما الاضطرابات العقلية والانفعالية فتظهر بضعف التركيز، وتشتت الانتباه بالنسبة للأطفال والمراهقين بمرحلة التعليم الأساسي فيصبح لديهم تراجع بالتحصيل الدراسي وعدم المشاركة بالنشاطات الصفية أو اللاصفية، عدم الاهتمام بتعليمات المعلم والاستجابة لها بسبب الذكريات المؤلمة.
لذلك لابد من مرور، ثلاثة أشهر على الكارثة حتى يتدخل دور الدعم النفسي وحسب تأكيد الدكتور الشحادة أننا مازلنا اليوم على مستوى الإسعاف النفسي، ونحاول من خلال وسائل الإعلام ودورات التدريب التركيز على التفريغ الانفعالي الذي يعزز الكثير من المهارات إذ يجعل الشخص أو الضحية الذي تعرض لصدمة معينة أن يستوعب ويكون دائماً على مستوى الوعي وألا ندع الذكريات المؤلمة تصل إلى اللاوعي.
ونوه في هذا السياق بوجود أعراض مهمة جداً تتعلق بالمهارات الاجتماعية، فقد لا تؤثر الصدمة على الحالة الانفعالية أو السلوكية ولا على النفسية، وإنما على المهارات الاجتماعية، وتحديداً على صعيد التواصل والمخالطة، فنرى العزلة الاجتماعية والتقوقع على الذات، لذلك من المهم والمفيد هنا أن يكرر أمام الضحية ولاسيما خلال فترة الأشهر الثلاثة الأولى من أن الخوف أمر طبيعي، ومن الطبيعي أن يخاف الإنسان، لأن الخوف ينأى بالصحة الجسدية أوالنفسية عن أي خطر، لكن من غير الطبيعي ألا يخاف الإنسان على صحته وصحة أولاده من الكوارث الطبيعية المصطنعة تثير هلعاً معيناً بنسب معينة تتجاوز الحدود الطبيعية عند بعض الأشخاص الذين لا يتمتعون أحياناً بقدرة على المحاكمة العقلية لما حصل .
وأضاف: إنه بعد مرور أكثر من شهر على أول زلزال فالناس الذين عاشوا الهزات والالتزامات قادرون على اتخاذ إجراءات احترافية سواء كانت مادياً أو نفسياً أو انفعالياً للنأي بأنفسهم قدر الإمكان عن مراكز الخطر التي قد تصيبهم ردود أفعال عصبية غير طبيعية بسبب حدوث الكارثة الطبيعية.